مقالاتمقالات مختارة

(فقه الأسرة) لا نريد مساواة ميكانيكية ونخرب الأسرة وحقوقا أخرى

(فقه الأسرة) لا نريد مساواة ميكانيكية ونخرب الأسرة وحقوقا أخرى

بقلم أ. د. أحمد الريسوني

نظام الإرث موجود فعلا في منظومة الأسرة، فهل آن الأوان لإزاحة هذه المنظومة وتنحيتها!، وهذه المنظومة مازالت فعالة وشغالة والعالم كله بحاجة إليها لأنها تقوم على أساس نظام وحقوق الأسرة، يعني حقوق الإبن والزوج والزوجة والجد والجدة، وتأتي ضمن منظومة من الحقوق المتكاملة والمتضامنة التي تشكل في النهاية مؤسسة.

والحقوق العائلية والفردية والشخصية هي جزء من مؤسسة عبارة عن حقوق مؤسساتية وليست حقوق فرد رجل أو “امرأة شارذا في الهواء أو شارذا في هذه الأرض”

والمسلمين يتوفرون على منظومة أسرة بتضامنها بأخلاقها وحقوقها ونفقاتها وبجميع الحقوق المتعلقة بالزواج والأبوة والحضانة والنفقة، وأن هذه هي المنظومة التي تأتي من ضمنها مسألة الميراث وهم الآن ينادون لتحييد هذه المنظومة بينما الغرب في أمس الحاجة لهذه المنظومة الآن، فأكبر ما يهدد الغرب وأكثر ما يعاني منه هو اختفاء وتلاشي الأسرة ومؤسستها وطغيان الفردانية التي يمكن أن تدمر المجتمع بعد أن تدمر الأسرة.

وقضية الميراث جزء من منظومة ولكن ما هي هذه المنظومة؟ منظومة ليست هي فقط الرجل ينفق بل هي منظومة حضانة الأولاد إقامة الأسرة المودة الرحمة والسكينة حماية الأولاد حماية الطفولة حماية النفس، ففي هذا السياق يجب أن نقرأ مسألة الميراث”.

نحن نؤمن بإمكانية عدد من المراجعات ونعرف ما في الشريعة من مرونة ونعرف أن مما سكتت عنه الشريعة أكثر مما فصلته وفصلت فيه ونعرف أن عددا من الأحكام المنصوصة أيضا صيغت بمرونة تجعل مراجعتها والإضافة إليها من الاجتهادات عبر العصور شيئا ممكنا ولكن عندنا حدود، عندنا ثوابت وقطعيات، وعندنا أمور صريحة عليها الإجماع قطعية الثبوت قطعية الدلالة، هذه لا يمكن لأحد يقول أنه مسلم يؤمن بالقرآن أن يأتي ويقتطعها بهذه السهولة.

إذن عندنا عدة إمكانات تشريعية لمواكبة التطورات ولمكافأة المرأة أو تعويضها أو عدة قيود لكن أن تمس الأمور القطعية الثابتة نصا ودلالة فهذا لا يقول به أحد ومن أراد أن يقول به فهو يقول به من خارج الإسلام والأصول الإسلامية والقواعد الإسلامية.

ونحن نعرف أن مسألة الميراث مرتبطة بمجموعة من الحقوق المالية المتكاملة المتضامنة فيما بينها فنحن نعرف أن الزوج حينما يريد أن يتزوج يدفع المهر ويجهز البيت ويتكلف بالنفقات والمرأة تعتبر نفقتها تطوعا حتى ولو كانت موظفة هي تساهم تطوعا إلا في حالة الضرورة، الضرورة نتكافل كلنا إجباريا شرعا وقانونا، إذا هذا هو العدل والعدل قائم، فالآن المراد تغييره ليس هو اللاعدل لكي يصير عدلا، العدل موجود في المنظومة الإسلامية كما ذكرت، المرأة لا تدفع شيئا ولا تنفق شيئا ويعطيها أبوها ويعطيها زوجها وينفق عليها هذا وهذا لأجل شيء فلسفته أن تظل آمنة مطمئنة مكرمة متفرغة بالدرجة الأولى لبيتها وزوجها وأولادها، يمكن أن تشتغل لكن همها الأول وقلعتها وحصنها الحصين هو هذه الوظائف التي تنهار الآن وتتلاشى وتدمر مقابل دريهمات نعطيها من هنا إلى هنا إلخ..”.

هل نريد أن نحفظ الأسرة ونحفظ الوظائف السامية للأسرة؟

أم نريد فقط أن نحدث مساواة ميكانيكية ظاهرية ونخرب الأسرة ونخرب حقوقا أخرى قائمة محفوظة في الشرع؟

أنا مع الحوار في كل القضايا المهمة والحساسة وخاصة القضايا المجتمعية والغلط الفظيع الذي يقع فيه هؤلاء هو أنهم يتجاهلون الشعوب ويتجاهلون العلماء ويتجاهلون النخب كلها ويقفزون لتحقيق هذا الأمر من وراء الستار وبوسائل لا ديمقراطية ولا شعبية فالحوار ضروري، المشكل أن هؤلاء هم من يقفزون على الحوار ويريدون التسلل عبر القرار السلطوي الأعلى لتنفيذ ما يريدون.

المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى