تقديم لكتاب (السياسة الشيعية العابرة للأوطان)
هذا الكتاب مهم ومتميز من ناحية المعلومات والتفاصيل عن البنية التنظيمية والحركية والعلاقات لدى الشبكات والتنظيمات الشيعية في البحرين والسعودية والكويت بشكل اساسي وفي ايران والعراق ولبنان بشكل اقل.
وهو مهم ايضا بسبب اعتماد الباحثة الفرنسية على مناهج العلوم السياسية والاجتماعية الحديثة في تحليل وتفكيك وبناء البحث من خلال المعلومات الدقيقة والتي حصلت عليها من عشرات المراجع الاجنبية التفصيلية عن شيعة المنطقة وهو نتاج غائب تقريبا عن وعينا نحن الباحثين العرب والسنة.
ايضا شكلت المقابلات المباشرة للباحثة مع عدد من نشطاء الشيعة مصدر مهم للمعلومات.
البحث يبدء من فترة زمنية مبكرة عهد القرامطة بالبحرين مثلا ليسرد رواية الشيعة بكونهم اصحاب الارض الاصليين! ويتجاهل البداية الحقيقية وهي فتح الصحابة لأرض البحرين قبل قرن من الزمان!
وينتهى الكتاب مع عام ٢٠٠٧، ومعلوم انه قد تبدلت كثير من الامور في الفترة التالية مما قد يبطل كثير من نتائج وتوقعات الباحثة بل وحتى خلاصة بحثها بأن تنظيمات شيعية الخليج تميل للوطنية والاستقلال عن إيران وتنبذ العنف!
(العابرة للاوطان) تقصد بها الباحثة ارتباط السياسة الشيعية بتنقل مركز الثقل السياسي الشيعي عبر التاريخ بين كربلاء والنجف او البحرين وايران الصفوية اوتبدل حال العراق بحكم العثمانيين او البريطانيين او حزب البعث.
فمن امثلة السياسة العابرة للاوطان تمدد حزب الدعوة العراقي لدول الخليج اثناء هروبه من حكم البعث وكيف اثر على كثير من شيعة الخليج وتنظيماتهم.
وايضا دور الشيرازيين في دعم الخميني مبكرا ودعم ثورته ودولته ثم التصادم بعد عدة سنوات!
ولا تحتل قضية تصدير الثورة الايرانية لسياساتها حيزا يذكر في الكتاب مما يحبط تصور الكثيرين لمجال الكتاب لما نعيشه اليوم من امتداد نفوذ السياسة الشيعية الايرانية لكثير من الدول ومن أخر نماذج ذلك تصريح أحد قادة الحرس الثوري أن خمسة جيوش في المنطقة تساند إيران.
البحث جاء في فترة ترويج فكرة المصالحة مع إيران ونفي خطر الهلال الشيعي، وفي مرحلة التفكير بتقسيم المنطقة، وعليه هل لا زالت الباحثة تحمل نفس الرؤية للتنظيمات الشيعية أم عدلت من نظرتها مع وقائع الربيع العربي وما قامت به إيران وشيعة المنطقة من عدوان ومواقف طائفية؟
ومع ذلك يبقى الكتاب مهم ومتميز وضرورى لكل باحث في شؤون التشيع وتاريخه وواقعه.
(المصدر: موقع أ. أسامة شحادة)