الرباط المبارك
بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد
فإن من أخطر المناهج وأوعر المسالك: تطويع الآيات والأحاديث والمعاني الشرعية؛ لتوافق الأفكار الخاطئة والمناهج الزائغة!
على نحو قول الهروي رحمه الله:
”ينظر الناظر الفهم في جذرها، فيرى مخّ الفلسفة يكسى لحاء السنة!”
أو كما قال ابن تيمية رحمه الله:
”يموهون بالتعبير على المعاني الفلسفية بالعبارات الإسلامية!”
وهذا المسلك زاده ابن تيمية رحمه الله وضوحا بقوله:
”يعبرون بالعبارات الإسلامية القرآنية عن الإلحادات الفلسفية واليونانية”
وهذا المسلك القديم أنشأ في ربوع الإسلام اتجاها معاصرا عبر عنه د.محمد محمد حسين بقوله:
”يدعو إلى إسلامية متطورة يفسر فيها الإسلام تفسيرا يطابق الحضارة الغربية، ويبرر أنماطها وتقاليدها”
ونتيجة هذه الحرب الفكرية نقض ما عليه الأمة من الحق!
قال ابن تيمية:
“فإن شياطين الإنس لا يأتون ابتداء ينقضون الأصول العظيمة الظاهرة؛ فإنهم لا يتمكنون، والغرض ههنا التنبيه على أن دعاة الباطل المخالفين لما جاءت به الرسل يتدرجون من الأسهل الأقرب إلى موافقة الناس إلى أن ينتهوا إلى هدم الدين!”
ومن الأمثلة مصطلحات: الإسلام والإيمان والتوحيد والدين وكلها تدل عند المسلمين على عبادة الله وحده لا شريك له؛ فكل من لم يأت بالشهادتين فليس بمسلم بإجماع المسلمين، ولا يسوى في الدين بين مسلم ومشرك، أو بين مؤمن وملحد، أو بين موحد وإبراهيمي بزعمهم! بل الفصل بينهم واجب متحقق في الدنيا والآخرة!
قال الحق تعالى:”إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شئ شهيد”
وعليه فإن الزعم بأن الأديان الإبراهيمية واحدة، وتقوم بحالها الراهن على التوحيد، وأهلها في الحق سواء؛ إنما هو تكذيب بصريح القرآن!
وخروج عن دين الإسلام، وولاء محرم لمن أمر الله بالبراء منهم!
والأمثلة على العبث الفلسفي بأصول الدين ومعاقده كثيرة متعددة، ومن ذلك محاولة إعادة تشكيل موقف المسلم من ثوابت عقيدته، وشريعته، وتراثه، وتاريخه، ولغته، وحضارته؛ بما يعني مسخا وطمسًا لهويته!
والمرابطة على ثغور محكمات الإسلام وحفظ معالمه من أعظم الرباط اليوم!بل هذا الرباط المنهجي وذاك الجهاد العلمي مقدم على كل رباط عملي!
“يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون”