مقالاتمقالات المنتدى

اليأس الماكر | د. سعد الكبيسي

اليأس الماكر | د. سعد الكبيسي

 

(خاص بالمنتدى)

مشكلة الكثير من الناس أنهم يقضون أوقاتا كثيرة يتحسرون على ما لا يستطيعون فعله ويتركون ما يستطيعون فعله فتضيع ايامهم وأعمارهم في التحسر واليأس والندم!!!

وهذا اليأس ماكر في تغلغله في النفس إلى درجة أن يسحب المسلم من منطقة العمل والتأثير إلى منطقة البطالة والاهتمام العام دون شعور منه.

عندما أتأمل في قوله تعالى على لسان سيدنا شعيب عليه الصلاة والسلام : “إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب”

أجد أن المسلم مكلف أن يصلح ما يستطيعه ويقدر عليه من واقعه وليس فيما هو واجب ومطلوب إصلاحه في هذا الواقع لأنه الواجب قد يكون أكبر من إمكاناته وقدراته.

والله تعالى سيحاسبنا على ما نستطيع فعله لا على ما لا نستطيع.

هذه الكلمات وحدها تزيل أي إحباط ويأس وقنوط في إصلاح ذاته أو أولاده أو اسرته أو مجتمعه او أمته وكل ما حوله وتجعله ينتقل من المطلوب والواجب والمثالي غير المقدور عليه إلى الممكن والواقعي والمقدور عليه وكما في القاعدة الفقهية:” الميسور لا يسقط بالمعسور”.

وقد يكون الميسور والممكن لنا هو أن نثبت على ما عندنا لو احاطنا الفساد من كل جانب وياتي النبي يوم القيامة وليس معه أحد كما في الحديث.

ويزيد التفاؤل والأمل معاني ما في قوله تعالى في بقية الآية: “وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب” والتي تدل على أن من معاني التوفيق في الإصلاح مهما صغر أو كبر هو من الله وبمعنى آخر إن الله يطرح البركة في العمل مهما كان قليلا او صغيرا ما توافر التوكل عليه والإنابة والرجوع إليه.

الإصلاح وفق المستطاع منهج الأنبياء فلا نقع في فخ وسوسة الكمال وانه إما نصلح كل شيء أو ندع كل شيء وإن احب العمل إلى الله ادومه وإن قل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

قد نلقي بذرة فتكون شجرة ضخمة ممتدة الجذور والأغصان بعد حين.

وقد نقول لأحد كلمة ويظهر أثرها عليه وينتفع بها بعد عشرة أو عشرين سنة.

وقد نخاطب جمعا ليس هم من ينتفع بخطابنا بل أناس من خلفهم لا نعلمهم الله يعلمهم.

وقد نبتسم لمحزون نواسيه أو مهموم نطمئنه فتصلح هذه الابتسامة حاله دون أن نشعر.

وقد نبذل ساعة من نهار في قضاء حاجة لأحد ليقضي عمره كله يدعو لنا.

وقد يكون الثبات على الصلاح هو المطلوب والذي يظهر عزة الحق والالتزام فيكون نموذجا وحجة على الناس.

وقد تكون حاجة الإصلاح ليس في أن نشيد البناء بل في أن نبادر بوضع الأسس فحسب ليأتي من بعدنا فيكمل مسيرة الخير.

يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى