مقالاتمقالات مختارة

اضطهاد مسلمي الهند 2

اضطهاد مسلمي الهند 2

في مشهد جديد من مشاهد التطرف اليميني في الهند ضد الأقلية المسلمة، أجبرت الشرطة الهندية آلاف القرويين المسلمين على النزوح من مساكنهم في منطقة دارانج بولاية آسام، وقد صاحب عملية الطرد استعمال العنف بطريقة مفرطة ضد المحتجين.

انتشرت القضية عن طريق انتشار مقطع فيديو يظهر فيه مصور صحفي وحوله جنود أثناء القفز فوق جثة مسلم حتى لفظ أنفاسه الأخيرة مضرجًا بدمائه، وأذيع المشهد الذي التقطته كاميرا أحد الموجودين، وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاج #الهند_تقتل_المسلمين قائمة الأكثر تغريدًا في عدة دول، رغم تجاهل القنوات الهندية للموضوع، فاعتقلت الحكومة الهندية  الصحفي، وحاولت حذف المقطع.

بدأت الأزمة في 7 يونيو الماضي، حين زار رئيس وزراء ولاية آسام الحالي، هيمانتا بيسوا سارما، المنطقة، وأصدر تعليماته بتهجير 800 أسرة من الفلاحين المسلمين يسكنونها منذ السبعينيات، وصفهم بـ”المستوطنين غير الشرعيين” من أجل إقامة مشروع الزراعة المجتمعية للشباب في نفس المكان، فلجأ السكان إلى المحكمة العليا، وقبلوا الانتقال إلى مكان آخر خلال أيام.

 لكن السلطات الهندية المحلية فاجأتهم في صباح يوم 25 سبتمبر الماضي بقوات من الشرطة وجرافات دمرت جميع منازلهم ومسجديْن والمدرسة الإسلامية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل بدأ رجال الشرطة وموظفو البلدية في إحراق أمتعة الأهالي وأموالهم ولم يسمحوا لهم بأخذها.

احتج المسلمون فأطلق الجنود عليهم النيران، وقتلوا ثلاثة منهم وجرحوا 20 آخرين،واختفى بعضهم وأصبحوا في عداد المفقودين لا يعلم أحد عددهم ولا أين ذهبوا، وأصبحت الأسر في العراء على ضفاف النهر في موسم الأمطار، وفي اليوم التالي، هطلت أمطار غزيرة في المنطقة مما أدى لإصابة العديد من الأطفال بالمرض، وتكرر هذا الفعل مع ست قرى أخرى في المنطقة بأسلوب التهجير نفسه.

وقد تظاهر عدد كبير من الناس في الشوارع في مدينتي دلهي ورانتشي عاصمة ولاية جهارخاند احتجاجًا على تهجير سكان آسام ومشاهد القتل المروعة التي انتشرت على الإنترنت.

وأدان حزب المؤتمر الهندي ما حدث، واتهم زعيم الحزب، راهول غاندي، الحكومة بأنها تشعل النار في ولاية آسام بأفعالها وقال “إنني أتضامن مع إخواننا وأخواتنا في الولاية.. لا يستحق أطفال الهند هذا”.

المؤسف في هذا المشهد غياب ردة الفعل الرسمية عربيا وإسلاميا، وحتى عدم خروج بيانات الشجب والاستنكار، بل تُظهر بعض الدول تعاطفا واضحا وعلاقات متميزة مع النام العنصري في الهند، مع أنها تملك أوراق ضغط كثيرة، لذلك لم تجد الشعوب إلا سلاح المقاطعة الاقتصادية، لا سيما بعدما ظهرت نتائج ملموسة لمقاطعة المنتجات الفرنسية التي اقتربت من تمام عامها الأول.

خطة ممنهجة 

فحملة الإخلاء التي نفذت في منطقة يسكنها مسلمون يتحدثون البنغالية، تتم في إطار خطة ممنهجة ضد مسلمي ولاية آسام منذ فترة طويلة، فالحزب الحاكم ينتمي إلى اليمين الهندوسي المتطرف وهو يقود حملة إعلامية للتحريض ضد مسلمي الولاية المتحدثين باللغة البنغالية حتى أنه توجد لافتات في الأماكن العامة بآسام تطالب بطردهم وتهجيرهم.

وتستمر عمليات تهجير المسلمين منذ القدم، إلا أنها تنامت مع وصول حزب (بهاراتيا جاناتا الهندوسي المتطرف) إلى حكم آسام عام 2016، وبلغ عدد المهجرين حتى الآن قرابة 20 ألف مسلم،  وإنشاء معسكرات احتجاز لهؤلاء المواطنين وتجريدهم من جنسيتهم واعتبارهم أجانب وإطلاق وصف “المهاجرين البنغاليين” عليهم، ووصل عدد المعسكرات داخل الولاية إلى ستة، وتقع داخل السجون في أماكن منفصلة

ويرجع استهداف مسلمي ولاية آسام تحديدا إلى نسبة المسلمين العالية فيه، إذ تقدر بنحو 34% من سكان الولاية البالغ عددهم 34 مليون نسمة، وهي أعلى نسبة للمسلمين في ولايات الهند بعد إقليم كشمير، مما يجعلها مستهدفة من اليمين الهندوسي المتطرف، وتقع آسام في الشمال الشرقي للهند وتمتد ما بين الحدود مع بوتان شمالاً إلى الحدود مع بنجلاديش جنوبًا، وتعد من أغنى مناطق إنتاج النفط والغاز الطبيعي في الهند.

ويواجه المسلمون مشاكل عديدة وانتهاكات مروعة لأسباب مختلفة، لكن العامل المشترك أن كل هذه الأحداث تقع في الولايات التي يحكمها بهاراتيا جاناتا، وبينما تمارس السلطات اضطهادًا ضد المواطنين المسلمين، تعمل في الوقت ذاته على تسريع عملية منح الجنسية للأجانب من أصحاب الديانات الأخرى القادمين من أفغانستان وبنغلاديش وباكستان.

ويتهم المعارضون الحكومة بأنها تفتعل الحوادث الطائفية لحشد التأييد لها وسط الهندوس لإخفاء إخفاقاتها الحادة في الاقتصاد وفي عدة مجالات على رأسها إدارة أزمة فيروس كورونا.

المصدر: موقع البوصلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى