مقالاتمقالات مختارة

مسلمي الهند.. تاريخ من المذابح والتهجير والاضطهاد

مسلمي الهند.. تاريخ من المذابح والتهجير والاضطهاد

لم تكن الأحداث الأخيرة التي وقعت في ولاية آسام في الهند وليدة اللحظة، ولكنها سنوات من الاعتداء والاضطهاد تعرض له مسلمي الهند على يد الهندوس، والتي اتخذت أشكالا مختلفة، في ظل رد فعل ضعيف وتخاذل من الحكومات العربية والإسلامية.

 

دخول الإسلام إلى الهند

 

الإسلام في الهند هو ثاني أكثر الديانات إنتشارا بعد الهندوسية، وتعتبر الهند هي ثالث أكبر بلد من حيث عدد المسلمين في العالم، وينتشر المسلمون في جميع أنحاء الهند لا سيما في مدن الشمال التي يمثل المسلمون ما يقرب من ثلثي سكانها.

كان للعرب صلات تِجاريَّة مع الهند، وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك “ماليبار” يدعوه إلى الإسلام. ويُرْوَى أن ملك “كدنغلور” زار النبي، كما وصل الدعاة إليها، ومنذ أيام الخليفة عمر بن الخطاب كانت محاولات فتح الهند على نطاق ضيق، وفي عهد الخلفاء الراشدين وصلت قوات إلى شمال بومباي.

وتمثل أول قدوم للإسلام عبر (محور بحري) انتقل الإسلام عبره عن طريق التجار العرب الذين تعاملوا مع مواني سواحل الهند وحمل التجار العرب الجديد في بدايته إلى الهند، وأصبح في كل ميناء أو مدينة اتصل بها العرب جماعة مسلمة.

وكان أول فتح المسلمين لبلاد الهند عام 44 هجريا، حيث غزا المهلب بن أبي صفرة أرض الهند، ومن خلال هذا الفتح تعرّف أهل تلك البلاد على الإسلام وشرائعه وأسلم بعضهم، وفي عام 48هجريا غزا زياد إليه سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي الهند مرة ثانية، بأمر من معاوية رضي الله عنه.

وفي عام 93 هجريا، في ظل الدولة الأموية في خلافة الوليد بن عبدالملك، افتتح محمد بن القاسم الثقفي، مدينة الدبيل وغيرها من بلاد الهند، وكان ملك الهند آنذاك يدعى داهر فقتل الملك وثلة من الذين معه، ثمّ سارت الجيوش الإسلامية إلى مدينة الكبرج ورجعوا بغنائم وأموال لا تحصى، وكان هذا الفتح الثاني للهند.

كان الفتح الثالث على يد بن القاسم أيضاً بعد عامين فقط، حيث داهم مدينة المولينا أو الملتان وأخذ منها أموالاً طائلة.

توالت الفتوحات الإسلامية في بلاد الهند في عهد الخلافة العباسية، وكان الفتح الرابع على يد الخليفة المهدي العباسي عبد الملك بن شهاب المسمعي سنة 160هـ، فحاصر مدينة باربد ورماها بالمنجنيق، ولما أراد ومن معه مغادرة الهند تعثرت طريق عودتهم بسبب اعتلاء البحر، ثمّ أصيبوا بداء في الفم فهلك منهم كثيرون، ولما ساروا هاجت عليهم ريح الغرق، ثمّ وصل مَن وصل منهم إلى البصرة محملاً بالسبايا ومن بينهم بنت الملك.

أما الفتح الخامس فقد وقع على يد السلطان الملك يمين الدولة أبو القاسم محمود بن سبكتكين التركي، حيث غزا بلاد الهند سنة 392هـ، ثمّ اقتتل مع ملكها الهندي آنذاك جيبال، ففتح الله على المسلمين وأيدهم بنصر من عده، وتمكنوا من أسر الملك، وغنموا مغانم كثيرة.

استقر الحكم الإسلامي في الهند ورسخت أقدامه وقامت له دولة منذ أن بدأ السلطان التركي المجاهد “محمود الغزنوي فتوحاته العظيمة في الهند سنة (392هـ = 1001م)، وامتد لأكثر من ثمانية قرون، تعاقبت في أثنائها الدول والأسر الحاكمة، ونعم الناس بالأمن والسلام، والعدل والمساواة، وازدهرت الحضارة على النحو الذي لا تزال آثارها الباقية في الهند تخطف الأبصار وتبهر العقول والألباب، وأسلم الكثيرون، حتى أصبحت أكبر نسبة من المسلمين في العالم من هذا الجنس، الذي يتركز الآن في ثلاث دول كبرى هي باكستان والهند وبنجلاديش.

 

تفكيك وحدة مسلمي الهند

عندما حان وقت خروج بريطانيا من شبه القارة الهندية، لجأت إلى خطة تهدف لسلخ الهند عن العالم الإسلامي، وتوزيع المسلمين الهنود وتشتيتهم في عدة دول، أكبرها الهند وباكستان وبنجلاديش، يتوزع عليها سكان القارة الهندية مليار وسبعمائة ألف، ويشكل المسلمون نصف عدد السكان، فتلك المنطقة من العالم تحوي أربعين بالمائة من المسلمين، فالهند وحدها عدد المسلمين فيها من 400 مليون إلى 500 مليون، وفقا لإحصائيات غير رسمية، أما الأرقام الرسمية فأقل من ذلك بكثير.

وجاء جلاء الاحتلال البريطاني بعد مقاومة كبيرة من كل مكونات المجتمع الهندي، كان للمسلمين الهنود فيها الدور الأكبر، فنسب نجاح المقاومة إلى غاندي والهندوس وحدهم، وأعدم الجيش البريطاني المسلمون على فوهات المدافع.

مر تفكيك وحدة المسلمين داخل الهند مر بمرحلتين الأولى: بعد جلاء الاحتلال البريطاني عن الهند الموحدة عام 1947 ، حيث عملت بريطانيا قبل خروجها إلى غرس بذور الفتنة، مما أدى إلى انفصال الجزء الأكبر من المسلمين في المنطقة الجغرافية التي عرفت باسم باكستان بشقيها الشرقي والغربي، ثم دخلت البلاد دوامة عنف انتهت بمقتل ملايين المسلمين شمال الهند وتهجير ملايين آخرين إلى دولة باكستان.

اندلعت ثلاثة حروب بين الجانبين بسبب منطقة كشمير، الأولى كانت سنة الاستقلال المزعوم، والثانية عام 1965م، والثالثة عام 1971م والتي وقعت في باكستان الشرقية (بنغلاديش)، وهي المرحلة الثانية من التفكيك، حيث انفصلت فيها باكستان الشرقية عن باكستان، بعد أن ساعدت الهند حركة التمرد في بنغلاديش، واستطاعت تدمير القوات الباكستانية هناك، وتفرق المسلمون في البلاد الثلاثة، الهند وباكستان وبنجلاديش، وسيطر على بنجلاديش نظام علماني متطرف تجاه المسلمين، في مقابل الجمهورية الإسلامية في باكستان.

أما عن الثلاث دول، الهند: التي أصبح المسلمون فيها أقلية بعد انفصال باكستان وبنغلادش عنها، إضافة إلى عمليات التطهير العرقي التي قضت على ملايين المسلمين، وهجَّرت ملايين آخرين.

باكستان: دولة صغيرة المساحة مقارنة مع الـهند، تحكمها منذ تأسيسها الأقلية الشيعية، وتسودها الفوضى والاضطرابات منذ تأسيسها إلى يومنا هذا، ورغم أنهم أقلية إلا أن سيطرتهم محكمة على كل شيء في البلاد.

بنغلاديش: دولة صغيرة ومحدودة المساحة، انفصلت عن باكستان سنة 1971م، وتحكمها قوى علمانية حاقدة هـمُّها محاربة الإسلام.

كانت خطة الهند تقوم على زرع عملاء بين جميع طوائف الشعب الهندي، واستطاعت بريطانيا إبراز جناح وغاندي كزعيمين وطنيين، الأول يعمل لصالح المسلمين، والثاني يعمل لصالح الهندوس، واستطاع جناح أن يُهمِّش جميع القيادات في العُصبة، وسعى جاهداً أن يُقنع المسلمين في الهند بالاستقلال وإنشاء دولة مسلمة مستقلة عن الهند، وانه لا مجال للتعايش بينهم في دولة واحدة، وعلى الجانب الآخر استطاع غاندي اقناع الهندوس بضرورة الانفصال.

فما أن أعلنت الهند وباكستان عن الاستقلال في دولتين حتى تعرض المسلمون في الهند لمذابح مروعة مات فيها الملايين وهُجِّر الملايين، وما إن انفصلت بنغلاديش عن باكستان حتى دخلتها القوات الهندية واحتلتها، وناصرت القوات الانفصالية وأجبرت الجيش الباكستاني على الاستسلام، وبعد أن أصبحت بنغلاديش دولة مستقلة، سيطر عليها العلمانيون وقاموا بمحاربة الفكر الإسلامي والجماعات الإسلامية، وتقديم قادتها قرابين للمشانق.

المصدر: موقع البوصلة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى