تقدير إسرائيلي: باب العامود قد يشكل مهدا لهبّة جديدة
تواصل الأحداث في المسجد الأقصى تصدر عناوين الصحف العبرية، وسط توقعات بأن يشكل باب العامود، تحديدا، مهدا لهبة فلسطينية جديدة، في ظل استفزازات المستوطنين وقوات الاحتلال المتواصلة.
وأصبح باب العامود بصورة خاصة يكتسب أهمية استثنائية لدى الأوساط الأمنية الإسرائيلية؛ لما له من إرث أمني وعسكري وسياسي كبير في السنوات السابقة، حيث شهد أخطر المواجهات مع الفلسطينيين، الذين ينظرون إليه برمزية كبيرة، ربما أكثر من سواه من المواقع داخل القدس المحتلة عموما، والمسجد الأقصى خصوصا.
غال بيرغر، الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية، قال إن “عودة الاشتباكات مرة أخرى عند باب العامود تطرح الكثير من التساؤلات حول أسبابها ودوافعها، وتفسح المجال واسعا أمام جملة المراسلين المتخصصين في شؤون القدس ليقدموا إجابات من وجهة نظرهم، وفهمهم لمسار الأحداث، ما دفعني لمراجعة التقارير اليومية، يوما بعد يوم، وساعة بعد ساعة، في عشرات مجموعات التليغرام الفلسطينية، لمحاولة معرفة كيف بدت الأشياء من هناك”.
وفي مقال نشرته هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية- كان، وترجمته “عربي21“، أضاف بيرغر: “فوجئت فعلا بمدى كثافة تعامل الفلسطينيين مع أحداث باب العامود عبر شبكات التواصل والنقاش اليومي، فهناك عشرات مجموعات البرقيات لوسائل الإعلام الفلسطينية وصحفيين وهيئات ومنظمات مختلفة، ما يعكس ما يمكن لي أن أصفه بحالة هوس تجد أثرها على هذه المجموعات تجاه أي تقرير أو تطور يتعلق بما يحدث في باب العامود، سواء كان روتينيا أو طارئا”.
ويعكس حديث بيرغر “تفاجؤ” الاحتلال من تفاعل الفلسطينيين على نطاق واسع مع أحداث باب العامود، وهو جزء أصيل من مسجدهم الأقصى ومدينتهم المحتلة، فيما دفعهم ذلك إلى فتح نافذة على شبكات التواصل الفلسطينية، التي تتابع التطورات أولا بأول.
وبالفعل، فإن إصرار الاحتلال على قمع تواجد الفلسطينيين بباب العامود تم الرد عليه برفع حساسية الفلسطينيين تجاه كل تصرف من الجانب الإسرائيلي، برصد كل عملية اعتقال وكل فحص لبطاقة هوية صبي أو فتاة، رجل أو امرأة، أو استجواب واحتجاز، وتصديرها بالعناوين الرئيسية التي تنتشر كالنار في الهشيم مع مقاطع مصورة على هيئة أخبار عاجلة.
ومن الطبيعي أنه عندما يتم إحضار حواجز حديدية لشرطة الاحتلال أن تضيء جميع الفلاشات الفلسطينية مرة واحدة، حتى الغرامات المفروضة على التجار عند باب العامود، أو تقارير شرطة المرور الإسرائيلية للسائقين الفلسطينيين في محيط المنطقة، تصبح أخبارا عاجلة.
أكثر من ذلك، فإن كل دخول لما يطلق عليه الاحتلال “شرطة الحدود” بات مصدرا للتوثيق، سواء كانوا بصحبة خيولهم، أو كلابهم، أو بمفردهم، حتى دون احتكاك مع الفلسطينيين، لكن عبورهم للسلالم من المتوقع أن يعتبره الفلسطينيون احتكاكا وتحرشا بهم.
أما في حال انتقلنا إلى التلويح بعلم الاحتلال في ساحات باب العامود، بحسب الكاتب، “فنحن إذن أمام حالة تصعيد حقيقية، تستدعي الدعوة لمعركة حقيقية، وهو ما حصل إبان مسيرة الأعلام اليهودية للمستوطنين”.
غريب أن يبدي الإسرائيليون استغرابا من التفاف الفلسطينيين حول باب العامود، وهم الذين ما زالوا يتذكرون أن حرب غزة الأخيرة اندلعت بالأساس بسبب “مسيرة الأعلام”، حين خرجت دعوات مقدسية للمقاومة الفلسطينية بالتصدي لها، وصولا إلى النجاح بإجبار الاحتلال على إلغائها، ثم الدعوات للاحتفال بالنصر عند باب العامود ذاته.
وبغض النظر عن أي اعتبارات سياسية أو تنظيمية حول أحداث باب العامود، لكن من الصعب على الاحتلال أن يتجاهل حقيقة وجود عاطفة مقدسية أصيلة لدى الفلسطينيين تجاه هذه المنطقة.
ويتخوف الاحتلال من زيادة التفاعل الفلسطيني مع أحداث باب العامود؛ لأنها تقع عشية تطورات عاصفة، قد تتسبب بموجات من الصدمات القوية، وتثير أجواء مشحونة، بالتزامن مع إعلان الفلسطينيين عن شعارهم القديم الجديد أن “الأقصى في خطر”، لذلك لا يكاد يمر يوم دون أن ينشر الفلسطينيون أي صور أو فيديوهات عن باب العامود، حتى في أيام الهدوء التام.
وبات باب العامود بذلك يشكل مقياسا للمزاج الوطني، وحالة الأمة الفلسطينية بأسرها، باعتبار أن تسمية المكان، وتمجيده كرمز وطني، تعبير عن صراع طويل الأمد من أجل السيادة والسيطرة مع الاحتلال الإسرائيلي.
المصدر: عربي21