مقالاتمقالات المنتدى

الأولويات في ساحة الأمة (5) – د. محمد يسري إبراهيم

الأولويات في ساحة الأمة (5) – د. محمد يسري إبراهيم

 

(خاص بالمنتدى)

 

خامس الأولويات في ساحة الأمة اليوم: إطلاق خطاب النهضة الشامل:

إن الأمة مدعوة اليوم لإصلاح فكري يقود إلى عمل تجديدي ثوري في المجالات كافة!

وذلك كيما تستعيد الأمة ثقتها بمنهجها الحضاري، وتترسخ فيها إرادة النهضة، وتعمل فيها أدوات التغيير، وهو ركن مهم في بناء الحضارة، وتحصيل الصدارة.

وتشييد هذا الخطاب يحتاج بحثًا في أسباب التخلف ومسيرة الضعف، ويستدعي طرحا لسؤالات النهضة، كما يستلزم إجابات مفصلة، ليست من قبيل الإجابات المجملة، ولو كانت مقبولة ومبشرة! نحو «الإسلام هو الحل»، أو «الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة».

فلا غنى بالنهضة عن مناهج مفصَّلة، ومسالك مدلَّلة، ومراحل معلَّلة.

ومهما كانت المعوقات من الجهل والتخلف والفقر والمرض والاستبداد وقلة الموارد البشرية المؤهلة- فلا يصلح ولا يجمل بالأمة أن يبقى أمل النهضة حلمًا تستدعيه من الذاكرة؛ لتستروح به فحسب!

فالواجب الانتقال من ذرف الدموع إلى إيقاد الشموع!

ولابد من تجاوز حدة الخلاف الفروعي، لأجل حشد عملي إيجابي.

وحتى تعبر الأمة إلى ميدان استعادة الثقة بالأطروحات النظرية والشعارات والأمجاد التاريخية، فلا مناص من إيجاد أنموذج عملي ملهم! يمثل بديلًا حضاريًا واعدًا، يسهل على الجموع الانحياز إليه، والسعي في إنجاحه عمليًا، عوضًا عن النماذج المعاصرة المرفوضة والمنحرفة دينيًا، والساقطة والمشوهة حضاريًا!

وكل خطاب شامل للنهضة ينبغي أن يتضمن في مذكراته التفسيرية مشاريع عملية، وبرامج تنفيذية، يرابط من خلالها صناع النهضة على ثغور الأمة الإيمانية مرابطتهم على ثغورها العملية، في سياق حضاري ينجز الإصلاح السياسي، ويحقق التنمية المستدامة، ويبسط سلطان العدالة الاجتماعية، ويلحق بركب التقنية.

ومن خصائص خطاب النهضة الشامل: أن يعتني بالتأصيل والمنهجية التي تنطلق من الوحي كتابا وسنة، وأن يتعامل مع الواقع بمشكلاته وتحدياته، وأن يفيد من معطيات العصر التقنية، وعلومه الإدارية، في سعي للتجديد لا يخل بالثوابت، ولا يجمد على الموروث من الوسائل، اتصالًا بالأصل، ورعاية لمقتضيات العصر.

ومن الخصائص: العالمية، التي هي من خصائص الإسلام ورسالته، وعالمية رحمته.

وَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا رَحْمَةًۭ لِّلْعَٰلَمِينَ
(21 : 107)
[الأنبياء:107].

ومما يؤكد عالمية خطاب النهضة: عالمية الصراع المفروض على الإسلام ونبيه قديمًا وإلى اليوم!

ومن أسف أن يفتقد أهل السنة راية عالمية في ظل ارتفاع رايات عالمية للمبطلين، من كل ملة ونحلة!

والعالمية تتجاوز حدود المكان، فلا تنحصر في بلد، ولا تقصر خطابها على إنسان، فهي ترعى خصوصية المحكمات، وتفتح باب السعة في موارد الاجتهاد، لا تُلزم بمذهب فقهي بعينه، ولا تخلط بين الوسائل والمقاصد، وتسعى لعالمية الروابط والمرجعيات، وعالمية المنافحة عن قضايا الأمة، وتحررها من كل فساد واستبداد.

ومن الخصائص: أن خطاب النهضة يرفض الشعور بالدونية والهزيمة النفسية أمام الحضارة الغربية، كما يرفض الانعزال والانسحاب من المواجهة الحضارية!

فلا ذوبان في العولمة، ولا إعراض عن المنافع المعاصرة.

فخطاب النهضة إنساني المنطلق، يبحث التعارف والتعاون على البر، وينفتح على المخالف بوعي إيجابي.

وأخيرًا فلا غنىً عن مشاركة مجتمعية واسعة، تكثر الخير وتقلل الشر، وتحذر من الوقوع في حبائل الباطل، عبر ممارسة عملية ومشاركة اجتماعية منضبطة، تبني المؤسسات الإعلامية والاقتصادية، وتتحرر من كل تبعية، وتقيم البرهان على حرص النهضة على هوية واستقلال مجتمعاتها، وتحقيق الرفاهية لمواطنيها.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى