ذكرى حريق الأقصى.. الأحداث والواجبات
بقلم د. وصفي عاشور أبو زيد
تمر علينا الذكرى الخمسون لحريق المسجد الأقصى الذي وقع في 21 أغسطس 1969م الموافق 7 جمادى الآخرة 1389هـ، ووقع الحريق في المسجد القبلي المتضمن مسجد الجمعة والمسجد الجنوبي بالمسجد الأقصى المبارك، والتهمت الحرائق 1500 متر مربع، وهو ما يمثل أكثر من ثلث مساحة المسجد القبلي البالغة 4400 متر مربع، وشملت الحرائق: منبر نور الدين زنكي، ومسجد عمر، ومحراب زكريا، والمحراب الرئيسي، والقبة الخشبية الداخلية والزخرفة الجصية الملون عليها، والجدار الجنوبي والرخام الداخلي كاملا، وخمسين نافذة من الجبس والزجاج الملون، وعمودين رئيسين مع القوس الحامل لقبة الجامع القبلي، والسجاد المفروش على أرضية الجامع.
وقد قام بهذا الحريق أحد المجرمين يدعى دنيس مايكل روهان، وهو استرالي الجنسية، نصراني الديانة بروتستانتي المذهب صهيوني الاعتقاد؛ حيث تعاون مع الكيان الصهيوني على إحراق المسجد القبلي من خلال استخدام مادة لزجة سريعة الاشتعال، وقام برشها على المنبر كما قام آخرون بإشعال النيران في الجهة الجنوبية الغربية من الجامع القبلي.
وهناك أدلة مادية على تواطؤ الكيان الصهيوني في هذا الحريق، أذكر من ذلك ما أورده د. جمال عبد السلام، رئيس لجنة القدس سابقا باتحاد الأطباء العرب، في رسالة له بالأمس نشرها على صفحته:
|
أولا: وصول سيارات الإطفاء متأخرة دون استخدام نقطة ماء واحدة لإطفاء الأماكن المحروقة.
ثانيا: قطع المياه عن منطقة المسجد الأقصى بالكامل.
ثالثا: إذاعة نبأ الحريق بعد حوالي ساعة وثلث من نشوبه.
رابعا: عرقلة تحرك الجماهير المسلمة نحو المسجد من قوات الاحتلال.
خامسا: حصار المدينة لمنع تدفق أهالي الضفة الغربية.
سادسا: إطلاق الأعيرة النارية في الهواء لتفريق الجماهير.
سابعا: تبرئ المجرم مايكل روهان من الجريمة والزعم بأنه مصاب بمرض عقلي ليخرج من السجن ويرحل إلى بلده استراليا بعد ذلك.
وقد انقسمت ردود الأفعال في الأمة إلى نوعين: ردود فعل شعبية شملت غضبا عارما في الأمة ومظاهرات واحتجاجات كبيرة، والإعلان عن الإضراب العام يوم السبت 23 أغسطس 1969م في مختلف الدول، وردود فعل رسمية تمثلت في مناشدة الملك فيصل، رحمه الله، المسلمين في العالم أن يهبوا لنصرة الأقصى وتحرير المقدسات، والدعوة لعقد مؤتمر قمة إسلامي وعقد بالفعل في الفترة 22-24 سبتمبر 1969م، واستنكر المؤتمر الجريمة، وقرر إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي، وكانت نتيجته مخيبة للآمال، وأطلق على المنظمة فيما بعد: منظمة التعاون الإسلامي.
بعد التوصيف والتحليل لابد من بيان واجباتنا العملية نحو قضيتنا الأولى والكبرى، وهذه الواجبات تتمثل في:
أولا: الواجب العلمي والمعرفي، فلن يتحرر المكان إلا إذا تحرر الإنسان، ولن يتحرر الإنسان إلا إذا تحرر عقله، ويكون ذلك بالعلم والمعرفة المقدسية، يجب أن نعرف تاريخ فلسطين، وتاريخ القدس، وتاريخ المسجد الأقصى، والمراحل التاريخية التي مر بها، والدول التي تعاقبت عليه، والاحتلالات التي احتلته، وقصة كل تحرير من هذه الاحتلالات.
ثانيا: توريث هذا التاريخ لأبنائنا والأجيال القادمة ومن حولنا من الأهل واللجيران والأصدقاء.
ثالثا: دور العلماء والدعاة والخطباء في غاية الأهمية، فالمساجد يجب أن تقوم بدورها فتخصص الخطبة القادمة للحديث عن هذه الجريمة، وتذكير الأمة بواجباتها نحو مقدساتها وأقصاها.
رابعا: واجب تقديم الدعم للمرابطين والمرابطات، فهناك أبطال يرابطون في المسجد الأقصى يخصصون له أوقاتا من عمرهم يحمونه من التقسيمات الزمانية والمكانية والتهويد والاعتداءات التي يتعرض لها المسجد الأقصى بشكل شبه يومي، هذا الدعم يجب أن يكون شاملا: ماليا ونفسيا ووجدانيا ..الخ.
خامسا: تقديم العون والمؤازرة لكل المقدسيين خاصة والفلسطينيين عامة.
سادسا: مقاطعة العدو الصهيوني مقاطعة شاملة: سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا وتجاريا وعلميا وأكاديميا… الخ.
سابعا: العمل على توحيد الكيانات الكبرى والكبيرة في الأمة، التي لوحدتها أثر وأهمية في تحقيق ذلك كله.
ثامنا: التبشير بأن المعركة قادمة وقريبة، وإعداد العدة لذلك: العدة الإيمانية، والعدة الاجتماعية، والعدة العسكرية، وغيرها.. ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا.
المصدر: مدونات الجزيرة