مقالاتمقالات المنتدى

اختراق الأجيال المسلمة عبر رابطة العالم الإسلامي .. بلير عندما يحاضر عن الإسلام!

اختراق الأجيال المسلمة عبر رابطة العالم الإسلامي .. بلير عندما يحاضر عن الإسلام!

 

بقلم د. أنور الخضري (خاص بالمنتدى)

 

في 15يوليو 2021م، قام رئيس رابطة العالم الإسلامي، د. محمد العيسى، بتوقيع اتِّفاقيَّة -وصِفت بالتَّعاونيَّة- مع “معهد توني بلير للتَّغيير العالمي”، والتَّابع لرئيس الوزراء البريطاني السَّابق، توني بلير، والَّذي ساهم بقراراته وتحالفه مع الرَّئيس الأمريكي السَّابق، جورج دبليو بوش، في تدمير أفغانستان والعراق، وقتل وتشريد شعوبها المسلمة، وتسليم العراق غنيمة باردة لإيران؛ كما أنَّه جزء مِن القوى المخطِّطة للثَّورات المضادَّة الَّتي استهدفت حرِّيَّات الشُّعوب العربيَّة وتمتُّعها بالدِّيمقراطيَّة.

ويستهدف “برنامج الجيل العالمي”، تدشين شراكة بين رابطة العالم الإسلامي، والَّتي تمثِّل منظَّمة إسلاميَّة شعبيَّة عالميَّة جامعة، وواجهة للشُّعوب المسلمة، و”معهد توني بلير للتَّغيير العالمي” الَّذي يحمل إرث العداء للإسلام عن شخص توني بلير ذاته، وقد كان يُسمَّى سابقًا بـ”مؤسَّسة توني بلير للإيمان”، ‏مواجهة التَّحدِّيَّات الَّتي تعترض الشَّباب المسلم!

المعهد –الَّذي يحظى بدعم حكومة الإمارات العربيَّة المتَّحدة- يقوم على تقديم تصوُّراته بشأن الإسلام والجماعات والحركات والدَّعوات الإسلاميَّة للأنظمة الحاكمة في المنطقة والمنظومة الدُّوليَّة الغربيَّة، ويسعى إلى إدانتها بكلِّ وجه مِن أوجه الإدانة.

 فقد أصدر المعهد، في ديسمبر 2017م، دراسة عن “الإسلام السُّنِّي” فقط، تحمل عنوان: “الصِّراع حول النَّصِّ: توضيح ملامح الاختلاف بين التَّطرُّف الإسلامي والإسلام الوسطي”، استنادًا إلى تدقيق شمل أكثر مِن ثلاثة آلاف “نصٍّ دينيٍّ”، مِن مختلف التَّوجُّهات الفكريَّة. ومِن ضمن ما توصَّلت له الدِّراسة أنَّ “(الإسلام السِّياسي) الَّذي تمارسه تنظيمات مثل (الإخوان المسلمين)… أقرب كثيرًا إلى فكر التَّطرُّف العنيف الذي يتبناه (داعش) و(القاعدة)، مِنه للتَّيَّار الدِّيني العام”[1]. وبالتَّالي فهو يدين هذه الحركات بوصفها “التَّطرُّف غير العنيف” أمام مجتمع السِّياسات الغربي.

كما خلصت دراسة أجراها المعهد بزعمه على عيِّنة، تشمل 131 بريطانيًّا وبريطانيَّة ممَّن تمَّ تصنيفهم على أنَّهم جهاديُّون، في أكتوبر 2017م، إلى أنَّه ليس هناك فرق بين جماعات إسلاميَّة غير متطرِّفة وجماعات متطرِّفة، وأنَّ الرِّحلة نحو التَّطرُّف تبدأ مِن تلك المنظَّمات الإسلاميَّة غير المتطرِّفة.[2]

وبالرَّغم مِن سمعة توني بلير، وعدائه للإسلام، والشُّبهة القائمة في معهده وما ينتج عنه مِن دراسات معادية للإسلام في صيغة تقييم له، أو للمسلمين، إلَّا أنَّ الرَّابطة برئاسة العيسى اختارات أن توقِّع معه اتِّفاقيَّة تستهدف 100 ألف مِن الشَّباب المسلم لنشر فكر الوسطيَّة والاعتدال والتَّسامح في أوساطهم! بالرَّغم أنَّ توني بلير ساند مبدأ الحرب على العراق والَّتي انتهت بكذبة تاريخيَّة كبرى ذهب ضحيَّتها الملايين مِن البشر قتلًا وتشريدًا وفقرًا وخوفا ومرضا.

إنَّ التَّغيير الإيجابي في أوساط الشَّباب المسلم لن تقوم به معاهد تحمل الحقد الصَّليبي على الإسلام، والوعي بالقيم الإنسانيَّة المشتركة بين الأمم لن يعزِّزه صنَّاع الحروب ومجرموها. فقد كان حريًّا بالرَّابطة وهي تمثِّل الشُّعوب المسلمة أن ترفع قضايا حقوقيَّة تساند مظلوميَّة الأجيال العراقيَّة الَّتي دمِّر بلدها وهجِّرت عن وطنها.

إنَّ أخطر ما يجري اليوم، هو استغلال كيانات المسلمين لفتح جسور العبور لأفكار أعداء الإسلام الَّذين عجزوا عن حربه عسكريًّا فعادوا لمحاربته بالأفكار والقيم والحرب الثَّقافيَّة. وهنا يأتي دور علماء الأمَّة ودعاتها للتَّصدِّي لهذا الأمر وإيقاف عبث رئاسة الرَّابطة في مؤسَّسة إسلاميَّة ملك لجميع شعوب المسلمين. فالواجب إنكار هذا المنكر والتَّصدِّي له مِن قبل كافة مؤسَّسات وكيانات الأمَّة المساهمة في الرَّابطة.

والتَّعاون مع معهد توني بلير وأمثاله تعاون على الإثم والعدوان، وليس على البرِّ والتَّقوى، فالإسلام ووسطيَّته واعتداله وسماحته تؤخذ مِن علماء الأمَّة الرَّبَّانيِّين ودعاتها المخلصين وليس مِن أهل الكفر والإجرام. وصدق الله تعالى إذ يقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَولِيَاءَ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللَّهَ لَا يَهدِي القَومَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأتِيَ بِالفَتحِ أَو أَمرٍ مِن عِندِهِ فَيُصبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِم نَادِمِينَ))، المائدة: 51- 52.

_____________________________________________________________

[1]  “الإخوان المسلمون” أقرب إلى “داعش” و”القاعدة” منهم للإسلام المعتدل، مجلة المجلة، في: 18/12/2017م، على الرابط التالي:

https://arb.majalla.com/2017/12/article55262808/%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88%D9%86%C2%BB-%D8%A3%D9%82%D8%B1%D8%A8-%D8%A5%D9%84%D9%89-%C2%AB%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4%C2%BB-%D9%88%C2%AB%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9%C2%BB-%D9%85%D9%86%D9%87%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AA%D8%AF%D9%84

[2]  معهد توني بلير: منظمات إسلامية غير متطرفة معبر نحو الجهادية، صحيفة العرب، في: 11/10/2017م، على الرابط التالي:

https://alarab.co.uk/%D9%85%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%AA%D9%88%D9%86%D9%8A-%D8%A8%D9%84%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D9%86%D8%AD%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9 

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى