مقالاتمقالات مختارة

أفغانستان.. ماذا بعد النصر؟

أفغانستان.. ماذا بعد النصر؟

بقلم سيف الهاجري

﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾

امتدادا للحملات الصليبية الأوربية أطلق بوش الابن حملة أمريكا الصليبية على العالم الإسلامي،

ليحتل أفغانستان عام ٢٠٠١ لينهي حكم إمارة أفغانستان الإسلامية بعد خمس سنوات من الحصار، .

وفي الوقت الذي أعلنت أمريكا من كابول بأنها جاءت لتحرير الشعب..

اجتمع علماء أفغانستان وقادة طالبان والشعب الأفغاني برئاسة الملا محمد عمر، رحمه الله،

وأصدروا فتواهم وبيانهم التاريخي بوجوب الجهاد لإخراج المحتل الصليبي.

وبعد عشرين عاما حققت حركة طالبان ما أوجبته الفتوى الشرعية بالنصر العظيم على الاحتلال الأمريكي والحملة الصليبية وإسقاط نظامه الوظيفي ومشروعه التغريبي.

واليوم السؤال الأهم هو ماذا بعد النصر؟

وهو ما يجب طرحه والإجابة عليه من قبل حركة طالبان بخطوات سياسية وعملية تحمي هذا النصر من خطر الاختراق والاحتواء والانحراف..

وليصب في صالح الأمة من الناحية الإستراتيجية في ظل استيفاء أهداف الجهاد والتحرير.

وأهمها على الصعيد الداخلي هو إقامة نظام سياسي إسلامي راشد حر يختار فيه الشعب الأفغاني حكومته وممثليه وفق حقهم الشرعي في الشورى،

لقوله تعالى ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ﴾، وقوله تعالى ‏﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾،

وهذا فيه ضمان للاستقرار والأمن وترسيخ لشرعية النظام السياسي القادم.

وأما على الصعيد الخارجي فأفغانستان على مفترق طريق خطير،

وتتحمل حركة طالبان مسئولية شرعية وتاريخية اتجاهه، فهذا النصر إن لم يتبعه استراتيجية مرتبطة بالبعد الأممي للأمة الإسلامية

وإلا فسيكون نصرا وطنيا تصبح فيه أفغانستان دولة وطنية عرضة للاحتواء والتوظيف ضمن سياسات القوى الدولية والإقليمية المحيطة بأفغانستان

كالصين وروسيا والهند وإيران والذين لا يرون في حركة طالبان إلا خطرا ينبغي احتوائه ولا في أفغانستان إلا غنيمة.

طالبان.. وتركيا وباكستان

ولذا فليس أمام حركة طالبان إلا تبني سياسة خارجية تعبر عن حقيقة النصر من كونه نصر للأمة وشعوبها

وهذا لا يتأتى إلا بإقامة علاقة إستراتيجية مع تركيا وباكستان،

فتركيا تعتبر اليوم هو الدولة الإسلامية الوحيدة قادرة كقوة دولية على توفير الغطاء الدولي لأفغانستان

وحمايتها من القوى الدولية والإقليمية التي تشكل خطرا على الإمارة الإسلامية في أفغانستان،

وباكستان هي العمق الاستراتيجي لأفغانستان جغرافيا وديموغرافيا واقتصاديا،

وكذلك فتركيا وباكستان بينهما علاقات إستراتيجية وتعاون رفيع المستوى..

ولا ينقصه سوى أفغانستان لتكتمل حلقات الحزام الإسلامي الجديد الذي بدأ يتشكل من دول المجلس التركي وباكستان.

فهذا هو الرهان الحقيقي لأفغانستان الجديدة والذي سيحافظ على سيادة أفغانستان واستقلالها ضمن إطار إسلامي جامع؛

يصب في صالح الأمة الإسلامية لتنعتق من هيمنة النظام الدولي وقواه الاستعمارية.

وأما المراهنة على العلاقات الدولية والإقليمية مع الصين وروسيا والالتزام بقواعد النظام الدولي؛

فهذا سيفرغ النصر من مضمونه وسيُبقي أفغانستان تحت الهيمنة الدولية بالرغم من النصر على أمريكا.

فقوى النظام الدولي الاستعمارية لا يهمها انتقال تبعية دولة من قوة إلى أخرى فالأهم بقاؤها تحت هيمنة..

 أي من القوى الخمس الكبرى والالتزام بقواعد النظام الدولي الذي أسسته القوى الصليبية بعد إسقاط الخلافة العثمانية الإسلامية واحتلال العالم الإسلامي!

﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾

المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى