مقالاتمقالات المنتدى

الهجرة إلى أسباب النهوض

الهجرة إلى أسباب النهوض

بقلم أ. د. فؤاد البنا 

تخبرنا أحداث الهجرة النبوية بأن محمدا صلى الله عليه وسلم عند اتخاذه قرار الهجرة من مكة، كان قد امتلك مخططا متكاملاً للوصول الآمن إلى هدفه، حيث استكمل أسباب الوصول إلى المدينة التي تنورت بهجرته إليها، فترك علي بن أبي طالب في فراشه، واستكمل عدة الهجرة في بيت أبي بكر الصديق، وخرج من الباب الخلفي لبيت أبي بكر بعد أن تأكد أنه لا يوجد في البيت غير أهله مخفياً عن الجميع قرار الهجرة، ومضى في الاتجاه المضاد لوجهة الهجرة إمعاناً في تضليل المشركين، وسار في طريق لا يسلكه المسافرون في العادة، وكلّف من يقوم بإخفاء آثار الأقدام، واختفى في كهف مهجور لمدة ثلاثة أيام حتى ييأس الباحثون عنه، مع تكليف من يأتيهما بالأخبار والطعام لتكون قراراته مبنية على معرفة بما عند الآخر.

ولأن الأسباب لا تعمل دون إرادة مالكها، فقد استنفذ محمد صلى الله عليه وسلم طاقته الروحية في الاتصال بمالك الأسباب، داعياً إياه لتنزيل توفيقه، متكلاً على قدرته المطلقة، وواثقاً من عدم خذلانه له، فقد روت كتب السير أن المشركين لحقوا بالرسول وصاحبه حتى وصلوا إلى باب الكهف الذي اختبئا فيه، فهمس أبو بكر في أذنه نتيجه خوفه عليه: لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، لكن الرسول بدا متسلحاً بالثقة المطلقة واليقين التام بنصر الله، وهو يقول: {لا تحزن إن الله معنا}.

فمتى (نهجر) بدورنا أسباب الضعف والغثائية، و(نهاجر) إلى عوامل القوة وأسباب النهوض الحضاري:
من إيمان يضيء دروب عالمي الغيب والشهادة
وتوكل يُقطّع أواصر الولاء لأعداء الله ويهجر الخوف ممن سواه
وعلوم تكشف غوامض الكون وتضيئ مجاهل الحياة
وحرية تمزق أغلال العبودية وتقطع قيود الاستبداد
وعدالة تذيب الحساسيات النفسية وتلغي الفوارق الاجتماعية بين المسلمين
ووحدة تعصف بالحواجز المصطنعة وتقضي على العصبيات الجاهلية التي تنتصب اليوم في حياة المسلمين وعمل يعمر الأرض بما ينفع الناس ويصنع الحياة وفق مراد الله؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى