العلامة القاضي العمراني .. إمام الفقه والظُرف !!
بقلم الشيخ علي القاضي (خاص بالمنتدى)
رحم الله شيخنا ومجيزنا إمام اليمن القاضي محمد بن إسماعيل العمراني ورفع درجاته في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
لن نوفي الإمام العمراني حقه من الثناء مهما قلنا فهو الإمام المجتهد وهو إمتداد لمجددي اليمن كإبن الوزير والمقبلي والصنعاني والشوكاني رحمهم الله ولن أتكلم عن فقه الإمام العمراني وعلمه فهو مفتي اليمن لعقود وقد اطبقت شهرته الفقهية الآفاق
ولكني سأتكلم عن خصلة وهبه الله تعالى إياها الى جانب العلم والفقه وهي حسن الخلق والظرافة وطلاقة الوجه والنكت الملاح التي تجري بسجية بلا تكلف ولا ثقل وقلما يجتمع مع العلم هذه الصفات :الود والألفة والمؤانسة وحسن العشرة لذلك توافقت القلوب على حبه وإجلاله والفرح اذا ذكر إسمه فضلا عن علمه رحمه الله
وما أشد إنطباق كلام الإمام ابن القيم على الإمام العمراني
حيث قال رحمه الله(فما قرن شيء إلى شيء أحسن من ظرف إلى صدق وإخلاص، وسر مع الله وجمعية عليه، فإن أكثر من عني بهذا الشأن تضيق نفسه وأخلاقه عن سوى ما هو بصدده، فتثقل وطأته على أهله وجليسه، ويضن عليه ببشره، والتبسط إليه، ولين الجانب له….
فإذا تمكن العبد في حاله وصار له إقبال على الله وجمعية عليه ملكة ومقاما راسخا أنس بالخلق وأنسوا به، وانبسط إليهم وحملهم على ضلعهم وبطء سيرهم، فعكفت القلوب على محبته للطفه وظرفه، فإن الناس ينفرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ، ولله ما يجلب اللطف والظرف من القلوب، ويدفع عن صاحبه من الشر، ويسهل له ما توعر على غيره، فليس الثقلاء بخواص الأولياء،
وما ثقل أحد على قلوب الصادقين المخلصين إلا من آفة هناك، وإلا فهذه الطريق تكسو العبد حلاوة ولطافة وظرفا،
فترى الصادق فيها من أحلى الناس وألطفهم وأظرفهم، قد زالت عنه ثقالة النفس وكدورة الطبع، وصار روحانيا سمائيا..)
مدارج السالكين ١٧١/٣
ما أشد حاجة الدعاة والعلماء الى الظرف واللطافة والروح الودودة المرحة بلا تصنع او تمثيل فطيب المجالسة وخفة الروح للعالم فتح للقلوب وعونا للطلبة على طلب العلم وحبه وتحبيبا للدين عند الناس
أما الجفاء والثقالة والتجهم والعبوس وتكلف الوقار فدليل على الجهل بسماحة الدين وعلى ضعف تهذيب الباطن وعلى ضعف الإتساء برسول الله صلى الله عليه وسلم
فلا كثر الله أمثالهم
وروى البيهقي عن ابن المبارك رحمه الله قال(: إنه ليعجبني من القراء كل طلق مضحاك، فأما من تلقاه بالبشر ويلقاك بالعبوس كأنه يمن عليك بسلامه أو بعلمه، فلا أكثر الله في القراء مثله.)
شعب الإيمان رقم ٧٧١٠
فرحم الله الإمام العمراني فقد كان إمامًا في الفقه وإماما في اللطف وحسن العشرة.