مقالاتمقالات المنتدى

الردود العلمية على منكري السنة النبوية (١١)

الردود العلمية على منكري السنة النبوية (١١)

بقلم الشيخ علي القاضي (خاص بالمنتدى)

ومن الأدلة الواضحة الصريحة على كون السنة الصحيحة التشريعية وحياً يعمل بها من القرآن الآيات التالية:

قوله تعالى ﴿ وَما جَعَلنَا القِبلَةَ الَّتي كُنتَ عَلَيها إِلّا لِنَعلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلى عَقِبَيهِ وَإِن كانَت لَكَبيرَةً إِلّا عَلَى الَّذينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضيعَ إيمانَكُم إِنَّ اللَّهَ بِالنّاسِ لَرَءوفٌ رَحيمٌ﴾البقرة:١٤٣

قال الإمام القرطبي: “الثالث- وهو الذي عليه الجمهور: ابن عباس وغيره، وجب عليه استقباله بأمر الله تعالى ووحيه لا محالة، ثم نسخ الله ذلك وأمره الله أن يستقبل بصلاته الكعبة، واستدلوا بقوله تعالى: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه الآية….

ودلت أيضا على جواز نسخ السنة بالقرآن، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس، وليس في ذلك قرآن، فلم يكن الحكم إلا من جهة السنة ثم نسخ ذلك بالقرآن” [1].

وقال العلامة محمد حبيب: “فنسب الله حكم استقبال بيت المقدس إلى نفسه، ولكننا لا نجد آية في المصحف تشير إلى هذا الحكم، فالظاهر أن الأمر باستقبال بيت المقدس لم يكن بوحي متلو بل هو بوحي خفي غير متلو وهو حجة واجبة الاتباع وهو السنة”[2].

قلت :وهذه حجة مفحمة على كون السنة وحيا وأن الوحي قسمان قرآن متلو وسنة غير متلوة.

وقال الإمام ابن كثير:” يقول تعالى: إنما شرعنا لك يا محمد التوجه أولا إلى بيت المقدس، ثم صرفناك عنها إلى الكعبة، ليظهر حال من يتبعك ويطيعك، ويستقبل معك حيثما توجهت ﴿ممن ينقلب على عقبيه﴾ ، أي: مرتداً عن دينه، ﴿وإن كانت لكبيرةً﴾ أي: هذه الفعلة، وهو صرف التوجه عن بيت المقدس إلى الكعبة، أي: وإن كان هذا الأمر عظيما في النفوس، ﴿إلا على الذين هدى الله﴾ قلوبهم وأيقنوا بتصديق الرسول، وإن كل ما جاء به فهو الحق الذي لا مرية فيه”[3].

قلت: حتى لا يأتي من يفسر هذه الآية بهواه ويصرفها عن معناها الظاهر ويحرف اسم القبلة فالقبلة التي كان عليها الرسول عليه السلام وأصحابه هي بيت المقدس بإجماع المسلمين[4].

قلت :ولو كان استقباله عليه السلام بيت المقدس باجتهاده عليه الصلاة والسلام فهو اجتهاد أقره الله عليه فصار وحيا لأن الله لا يقر رسوله عليه السلام على خطأ كما هو متفق عليه عند الأصوليين وغيرهم والراجح الأول وهو أن الرسول عليه السلام توجه لبيت المقدس بوحي من الله تعالى وهو ظاهر اللفظ في قوله تعالى: ( وما جعلنا القبلة..)وهو مذهب الجمهور كما قال القرطبي وغيره.

وقال الإمام ابو الحسن الماوردي: “وكان ذلك عن إقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بأمره [5]

قال الإمام الشنقيطي: “ويمكن أن يقال: إن ما أذن فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فبإذن الله أذن.[6]

وقال العلامة احمد مصطفى المراغي الأزهري: “أي أي شيء قطعتموه من النخل أو أبقيتموه كما كان ولم تتعرضوا له بشيء فذلك بأمر الله الذي بلغه إليكم رسوله لتطهر البلاد من شرورهم.[7]

فهذه الآية صريحة في أن لله تعالى أوامر خارج القرآن وكما له أوامر فله نواهٍ ايضا وهذا دليل قطعي في حجية السنة الصحيحة وانها وحي من الله خارج القرآن.

 

 

______________________________________________________________________

[1] . تفسير القرطبي، القرطبي 2| 150-151؛ اللباب في علوم الكتاب، الإمام سراج الدين بن عادل الحنبلي،  ٨/٣

[2] . السنة ومكانتها في ضوء القرآن الكريم، للشيخ محمد حبيب  ، ص٩٤؛ حجية السنة، الشيخ عبد القادر السندي،  ص٩٨

[3] . تفسير ابن كثير٣٢٨/١.

[4] . التفسير المنير، الزحيلي ،١٧ /٢ .

[5] . تفسير الماوردي ٥٠١/٥، وتفسير القرطبي٦/١٨؛ وتفسير ابن كثير٩١/٨، تفسير الزمخشري ٥٠١/٤، تفسير الرازي ٥٠٥/٢٩.

[6] . أضواء البيان٢٩/٨.

[7] . تفسير المراغي٣٦/٢٨.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى