ما زالت مأساة مدينة الموصل العراقية ذات الأغلبية السنية مستمرة مع انطلاق المعارك غربي المدينة…
فبعد فرار عشرات الآلاف من شرق المدينة بدأ النزوح من غربها حيث قال نائب المتحدث الرسمي للأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، إن “الدراسات التي أجريت حديثا بالجزء الغربي من الموصل أكدت أن الإمدادات الغذائية والوقود تتضاءل والأسواق والمحلات التجارية أغلقت أبوابها، والمياه الصالحة للشرب باتت نادرة وإمدادات الكهرباء إما متقطعة أو مقطوعة بشكل دائم”..
وأضاف “لقد وصفت ليز غراندي، المنسق الأممي في العراق، الوضع هناك بأنه مؤلم حيث يعيش ما يتراوح بين 750 ألف و800 ألف شخص من المدنيين دون أن تصلهم إمدادات تجارية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، بعد أن تم قطع الطريق الرئيسي المؤدي إلى سوريا”…وأشار “حق” إلى أن وكالات الأمم المتحدة تسارع حاليا لتقييم التداعيات الإنسانية للعملية العسكرية حيث يجري تشييد مواقع للطوارئ جنوبي الموصل وتزويدها بالمواد المنقذة للحياة التي تكفي حاجات ما يتراوح بين 250 ألف شخص إلى 400 ألف شخص من الذين يتوقع أن يلوذوا بالفرار… من جهتها, ذكرت منظمة “أنقذوا الأطفال” الدولية أن نحو 350 ألف طفل عالقون بالقسم الغربي من مدينة الموصل…
وأكد مدير مكتب المنظمة في العراق ماوريتسيو كريفاليرو “وجوب إقامة ممرات آمنة بأسرع ما يمكن لإجلاء المدنيين”..وقال كريفاليرو في بيان إن نحو 350 ألف طفل وفتى تقل أعمارهم عن 18 عاما “عالقون في القسم الغربي من الموصل”…وحذر من أن عمليات القصف في شوارع المنطقة الضيقة والمكتظة بالسكان قد “تكون أكثر دموية من كل ما عرفناه حتى الآن في هذا النزاع”…
وأوضحت عائلات اتصلت بها المنظمة أن “الفرار ليس خيارا مطروحا” بسبب تهديد مقاتلي تنظيم الدولة بتنفيذ عمليات إعدام سريعة، ورصاص القنص والألغام المضادة للأفراد…
وأضاف كريفاليرو أن الأطفال أمام خيار مروع في الشطر الغربي من الموصل، فعليهم أن يختاروا بين القنابل والمعارك والجوع إن بقوا، والإعدامات ورصاص القناصة إن حاولوا الفرار…
يأتي ذلك في وقت تزايدت التهديدات من قبل المليشيات الطائفية المشاركة مع القوات العراقية في المعارك ضد أهل الموصل حيث ظهر زعيم مليشيات “حشد مسيحيي الموصل” المنضوية في صفوف مليشيات “الحشد الشيعي” العراقية التابعة لإيران، وهو يهدد أهالي قضاء “تلكيف” شمال مدينة الموصل ذات الغالبية السنية بالتهجير أو القتل، كما ظهر زعيم “مليشيات مسيحية” آخر متوعدا “بالثأر من أحفاد يزيد في الموصل”…
الحكومة العراقية لم تتعلم مما جرى في شرق الموصل من جرائم ارتكبتها المليشيات الطائفية وأصرت على الاستعانة بها في معارك غرب الموصل وهو ما أثار مخاوف السكان الذبن أبدوا انزعاجهم من موقف الحكومة المتراخي تجاه انتهاكات مليشيات الحشد..
في نفس الوقت الظروف الصعبة التي يعيش فيها النازحون من شرق الموصل تكشف عن مأساة أكبر مع نزوح المزيد من السكان من غربي المدينة فقد حذرت مسؤولة أممية من أن تتسبب العمليات العسكرية بمدينة الموصل في نزوح نحو 400 ألف مدني, وأوضحت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق ليزا غراندي: “هذه معركة مختلفة.. لها تبعات هائلة على المدنيين.. يجب أن نواجه احتمال فرض حصار على المدينة القديمة”…
وأضافت غراندي أن الأمم المتحدة بحثت العديد من الخيارات لضمان وصول الغذاء والدواء والماء للمدنيين حال حدوث مثل هذا الحصار…الأمم المتحدة منذ فترة طويلة وهي تواجه صعوبات كبيرة من أجل توفير الاحتياجات الإنسانية للنازحين وطالبت بضرورة تأمين مبالغ أكبر من أجل مواجهة موجة واسعة من النزوح بعد انطلاق معارك غرب الموصل وهو ما لم يحدث حتى الآن الأمر الذي سينتج عنه تداعيات أخطر بكثير مما هو متوقع خصوصا مع عدم وضع حياة السكان في الاعتبار بشكل جاد من جميع الأطراف حيث قتل عدد كبير من المدنيين جراء قصف القوات العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة رغم كل ما يقال حول الاحتياطات المتخذة.
(موقع المسلم)