أصناف على قائمة الأولوية في الانقاذ…
بقلم د. فضل مراد
فقه القرآن سورة البلد (4)
«فك رقبة* أو إطعام في يوم ذي مسغبة…».
(فك رقبة).. تكلمنا عن مقصود الشرع في الحرية وهذا النص مكي مما يدل على عناية الشريعة بهذا المقصد ورعايته مبكرا قياسات..
ويقاس على فك الرقبة وهو عتقها وتحريرها، إطلاق الأسير وفداؤه ويقاس عليه كذلك إخراج السجين المعسر بدفع ما عليه.
الإغاثات..
أما السبيل الآخر فهو الإطعام في المجاعات، لأن المسغبة هي المجاعة العامة.
وهذا تأصيل هام للعمليات الإغاثية للفقراء والمساكين واليتامى من الذين تسحقهم المسغبة العامة هنا.
وأول المتضررين في مثل هذه الظروف شريحتان:
الأولى: اليتامى؛ لأن من لا أب له تبدأ به المسغبة فتفتك به، لأن الكل مشغول بنفسه وبنيه وعياله وذويه.
فلن يلتفت عادة إليه أحد حتى من أقربائه ومع شديد حاجته العاجلة توجه التشريع إلى إنقاذه في أول قائمة المغاثين.
ويستنبط من هذا البدء بالحالات المستعجلة في الإغاثات.
والحالة الثنائية لهذه هي المسكين المتربة.. ولم أقل الحالة الثانية بل الثنائية لأن الشرع لم يرتبها ثانيا بل جاء بها بالتخيير بـ«أو»
التي تفيد تساوي الحالات في الاستحقاق.
معاني المتربة العجيبة.. لفظ المتربة حتى المغترب عن وطنه يدخل فيه…
من هو المسكين ذو المتربة؟ هو الذي لا شيء له فهو ملاصق للتراب من الفقر لا شيء ولا مأوى إلا التراب، قد يبيت على الرصيف إذ لا بيت له كما يفيده قول ابن عباس: هو الذي لا لباس له بل يصل التراب إليه.
وهذا يشمل كل من لا لباس له أو لا فرش أو مأوى كريم هذه هي حقيقة هذه الصفة «مسكينا ذا متربة».
وهذا كشف عن شريحة شديدة الفقر جدا لا تجد أبسط الحاجيات الإنسانية، فواجب شرعا مساعدتهم وإغاثتهم وعونهم ماديا ومعنويا ويدخل في هؤلاء المسكين صاحب العيال كما قال قتادة ، والمديون كما قال عكرمة ، وذو الزمانة كبير السن الفقير كما قال ابو سنان ، بل الشخص الوحيد الذي لا أحد له كما قال بن جبير.
بل ذهب ابن عباس إلى أنه الغريب عن وطنه لأنه ذو متربة أي بعيد التربة والوطن.
وكل هذه الاجتهادات صحيحة وهي توسع معنى المسكين المتربة لتشمل الفقير المترب وذا العيال والغريب والوحيد والمديون وكبار السن.
وهذه الأصناف موجودة في المجتمع والشرع أمر بحقوقهم بالنصوص ومعانيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقه القرآن سورة البلد (3): https://iumsonline.org/ar/ContentDetails.aspx?ID=19656
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)