مقالاتمقالات مختارة

الاستبداد السياسي

الاستبداد السياسي

بقلم الشيخ عبد الحي يوسف

حين يتّقي الحاكم ربه في الرعية فيقوم بينهم بما أمر الله من العدل والقسط ويوصل الحقوق إلى أهلها ويشعر الناس أنه منهم وإليهم ، تنبعث فيهم روح بسالة وحب للوطن وأهله ، ولربما يَعُدُّ أحدهم روحه كبصقة في كفه يبذلها رخيصة هينة إذا ما دهمت الديار مصيبة أو حلت بالناس قارعة ، لأن مبادئ العزة والشهامة التي رضعوها مع لبان أُمَّهاتهم ، ورأوها في شُخُوص حكامهم ، تدفعهم دفعا للاستماهة في الدفاع عن الأرض والعرض ، والنفس والمال ، ولا يرون القتل سُبَّة إذا ما رآه النَّاكسو رؤؤسهم تحت راية الاستبداد ..لكن حين يصبح الحاكم وحشا كاسرا ، ينهش الرعية بأنيابه ويتسلط عليهم في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ، تموت روح البسالة في النفوس ويزهد الشُّمُّ الأُبَاة في حياة ما أقساها من حياة ، حين تُباع الضمائر ،وتزيف القيم ، فإذا ما وقعت الواقعة ، ودهم البلاد عدو خسيس ظهر الأمر على حقيقته ، وولي الناس الأدبار ، لأنهم ما عادوا يرون قيمة يدافعون عنها أو وطنا يدينون له بالولاء ، بعدما حُبست فيه الأنفاس ،وضاقت الصدور ويتلفَّت الظَّلُومُ الغَشُومُ متسائلاً : أين النصير ؟ أين المُعين؟ خدع المسكين حينا من الدهر بهتافات المأجورين، وكتابات المُتسلِّقين، وتقارير الأفاكين، فإذا ما جد الجد ، وادلهم الأمر وعظم الخطب ،قل من يثبت أو يصبر . والجيوش في بلاد المستبدين خير مثال “فإذا اتخذت الدولة منهم حامية ، أو ألفت منهم كتيبة ، عجزوا عن سد ثغورها ،وشلت أيديهم من قبل أن يشدوا بعضدها” ،ولسان حالهم : اذهب أنت وحاشيتك وزبانيتك والمُنتفعون بك فقاتلو إنّا هاهنا قاعدون.

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى