بقلم د. أحمد المحمدي
أسرف على نفسه كثيرا من المعاصي حتى كاد أن يهلك فلما أراد التوبة لم يتقبله أحد! هذا خلاصة حديث دار بيني وبين الشاب لمدة ساعتين تقريبا، محور حديثه كان منصبا على زميل الدراسة المتدين الصالح الذي أشاح عنه بوجهه حين رآه في المسجد، لم يستطع صاحبه ولا أهل مسجده أن يتقبلوه لخبث ما كان عليه!
قرر الرحيل إلى أصحاب السوء الذين يحسنون استقباله ويشعرونه بأهميته، لكنه لم يستطع أن يستمتع بالمعصية كما كان، فعاد إلى مسجد آخر في أطراف البلدة حيث لا يعرفه أحد ولا يعرف هو أحدا، فارتاح وهدأ لكن مشكلته بني أهل الصلاح في بلده!
من المعيب حقا أن يضيع النهي عن المنكر كأسلوب ردع للعصاة، وأكثر من ذلك أن يبني أهل الطاعة سدا منيعا على أنفسهم بحيث لا يقبل فيه غيرهم!
إن الدعوة هداية ورحمة، والإسلام دين التوبة والأوبة، والمتتبع لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم يلحظ بجلاء استيعابه للتائبين، ولا أدل على ذلك من قصة الأنصاري الذي ارتد عن الإسلام ولحق بالمشركين، ثم تندم، فأرسل إلى قومه:
سلوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل لي من توبة؟ وهنا نزل قول الله عز وجل: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ……. إلَّا الَّذِينَ تَابُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. فهل هناك أعظم خطرا من الردة!
وفي الجانب السلوكي شارب للخمر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجلده، قال أبو هريرة: فمنا الضارب بنعله، ومنا الضارب بثوبه، فقال واحد من المسلمين: قاتلك الله! — أمام الناس — أو أخزاك الله، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم).
الاستقبال الحسن للتائبين منهج أهل الاستقامة الدينية والخلقية، منهج من يبصرون النور في الظلام انقاذا للأمة واتباعا للسنة وصيانة للمجتمع.
(الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)