مقالات مختارة

هذا لك، فماذا عليك؟

بقلم صفية محمود

ما من مكانٍ تأتي إليه إلا وتسمع ممن حولك: لي كذا، وهذا حقِّي!

كل فرقةٍ تقول: ظُلِمْتُ فأنصفوني، وكل جماعة تقول: حقي وكسبي فلا تحرموني، فهل سمعتَ أحدًا يقول: هذا حقُّ غيري فلا تعطوني؟ أو سمعتَ أحدًا يقول: أخذتُ أكثرَ مِمَّا لي فخلِّصوني؟ أو سمعتَ أحدًا يقول: فلان مِن الناس ظُلِمَ فزيدوه وأنقِصوني؟

والسببُ في ذلك كله أسْرُ الشهوات، وغلَبَةُ الماديات، فبعدتْ أخلاقُنا عن العدل والعفاف، وصار قائدُ أحدِنا ما اشتهاه وما طمع فيه وتمنَّاه، والنفسُ لا ترضى إلا بلذة الوقت، ولا تهدأ إلا بتحقيق ما تهواه.

فكيف ننسَى؟ إنَّ الإنسانَ مزج بين شيئينِ بدن وروح، والموازنةُ بينهما واجبٌ، وإلا فهو خروج عن العدل، وركونٌ إلى الظُّلم، فما من أحد زاد في تنعم بدنِه، إلا جنى على روحه، فالبدنُ ينمو ويترعرع، والروح في النَّزْع تُساق إلى الموت.

ولو نَمَّى روحه وغذاها وبصَّرها وزكاها، لأحبَّت العدل، وأبت الظلم، ولَمَالَتْ للعفاف، وكرهت الشَّرَه والإسْرَاف.

وعندما تنتعش الروح وتتزكَّى النفس؛ نسمع واجبي قبل حقي، ونسمع هذا لغيري وليس لي، ونسمع كيف أكتفي وجاري في عوز؟ ووقتها يتحَلَّق الناس حِلَقًا من الوُدِّ، والحق يجمع ما فرَّقَه الباطِلُ، والعدل يَلمُّ ما شتته الظلمُ وفرَّقَه الهوى، والمحبة تَوْءم العطاء، فاللهم أحيي أرواحَنا، واجمع قلوبنا على ما يرضيك.

المصدر: شبكة الألوكة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى