مقالاتمقالات مختارة

نماذج من افتراءات العلمانيين على الاسلام والمسلمين!

نماذج من افتراءات العلمانيين على الاسلام والمسلمين!

بقلم أ. عبد الحميد عبدوس

في أواخر شهر مارس المنصرم ( 2021) زعم كاتب عمود صحفي في جريدة جزائرية مفرنسة أن وزير الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور يوسف بلمهدي دعا التجار إلى «العصيان المدني»، لم يكن هذا الكلام من قبيل التندر بما يسمى «كذبة أفريل»، لذلك كان لابد من البحث عن المصدر الذي استقى منه الصحفي هذا الزعم الخطير بتحريض التجار في الجزائر على العصيان المدني، فبالعودة إلى تصريح الوزير تبين ان الاتهام يقوم على تأويل دعوة الوزير التجار يوم السبت 27 مارس المنصرم خلال إشرافه بدار القرآن الكريم الشيخ أحمد سحنون على افتتاح ندوة علمية تحسيسية، بعنوان (التجارة في الإسلام، أحكام ومقاصد)، إلى ضرورة الالتزام بروح الشرع الحكيم في كل معاملاتهم التجارية، والبعد عن ممارسات الغش والتطفيف والاحتكار والمضاربة، خصوصا مع قرب حلول شهر رمضان الكريم، وفسر الصحفي دعوة الوزير التجار للالتزام بروح الشرع بأنه دعوة للتخلي عن جميع القوانين الوضعية المنظمة للسوق والتجارة والالتزام بنصوص الشريعة، وهذا التأويل والتحريف والتفسير المغرض لكلام الوزير هو مجرد نموذج عن الاستراتيجية المعتمدة من طرف غلاة العلمانيين باستعمال الافتراء كوسيلة لتشويه أو التخويف من كل من يتمسك أو يدافع عن المرجعية الإسلامية، وقبل ذلك زعم الرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) سعيد سعدي في فيديو على الفيسبوك بأن «الإسلاميين يعلمون الأطفال بالمدرسة الجزائرية في مناهج التربية الدينية كيف يقوم الزوج بذبح المرأة الخائنة بسكين غير حاد كي يطول ألمها ويرضى الله».
صناعة الخوف والتضليل المتعمد ضد ما يتعلق بالإسلام والمرجعية الإسلامية ليست مقتصرة على الجزائر، ولكنها بضاعة رائجة في أغلب تصريحات وتصرفات العلمانيين شرقا وغربا ،ففي تونس اقتحم يوم 9 مارس المنصرم أنصار الحزب الدستوري الحر بقيادة النائبة عبير موسي المعادية لثورة الياسمين التونسية مقر فرع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في تونس بحجة مواجهة الإرهاب، وزعم أحد قياديي الحزب أن المقتحمين وجدوا في مقر الاتحاد كتبا تشجع على الإرهاب وتعلم الأطفال كيفية صنع القنابل اليدوية وحتى تحضير السلاح النووي مستشهدا في كلامه بعثورهم على كتاب (الأربعون النووية) خالطا جهلا أو عمدا بين كتاب الإمام النووي في الحديث النبوي وبين تعليم صناعة السلاح النووي.
بخصوص الافتراء على الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من طرف العلمانيين، نشر الإعلامي المصري الموالي للنظام عمرو أديب في العام الماضي ( 2020) فتوى مزعومة لرئيس الاتحاد أحمد الريسوني، ادعى فيها أنه قال «إن محاربة الاقتصاد التركي مخالفة تصل إلى مستوى الردة عن الإسلام»، وعلق عمرو أديب ساخرا على الفتوى الملفقة بأن محاربة الاقتصاد التركي مخالفة دينية تصل إلى مستوى الردة عن الإسلام ودعم الاقتصاد التركي يعادل أجره عمرة، وقد ندد الاتحاد في بيان رسمي، بالفتوى المُلفقة المنسوبة للاتحاد، التي زعم عمرو أديب أنها نشرت بتاريخ 17 أكتوبر 2020 على موقعه الرسمي وقال الاتحاد إنها «كذب وزور وبهتان وتلفيق، وأنه لا يوجد مقال أو تغريدة أو فتوى لرئيس الاتحاد بهذا العنوان».
في المغرب كانت جريدة الصباح ذات التوجه العلماني تتميز بنشر أخبار كاذبة عن المنتمين للتيار الإسلامي كأن تدعي بأن «سلفيين اعتدوا على فتاة ونزعوا عنها ثيابها»، كما كتبت في مناسبة أخرى أن «سلفية خانت زوجها السلفي مع سلفي آخر».
أما في مصر فقد وصل الهذيان بالإعلام المصري وبعض المسؤولين السياسيين في عهد السيسي درجات غير مسبوقة، حيث تمت نسبة أغلب الكوارث الطبيعية والحوادث المرورية إلى الإخوان المسلمين ،فعلى إثر الفيضانات التي شهدتها مدينة الاسكندرية نوفمبر في2015 وأصابت المدينة بالشلل ، اصدرت وزارة الداخلية المصرية بيانا اعلنت فيه عن ضبط خلية «إخوانية» بمحافظة الإسكندرية كانت تقوم بسد مصارف ومواسير الصرف الصحي بالإسمنت لإحداث ازمة وزيادة السخط الجماهيري، وفي ذروة تصاعد حوادث القطارات في صائفة 2017 خرج وزير النقل المصري ليدعي أن سبب حوادث القطارات هي المساجد الصغيرة الموجودة في المحطات وأنه سيصدر قرارا بإزالتها، في حين أشار شخص آخر وصف نفسه بـ «خبير اقتصاديات النقل» في برنامج (صح النوم) الذي يقدمه الإعلامي المصري “محمد الغيطي” المقرب من نظام السيسي إلى احتمال تورط جماعة الإخوان المسلمين في حادث قطاري الإسكندرية، وزعم أن هناك عدة شواهد تشير إلى أن حوادث القطارات من الممكن أن تكون عملا متعمدا، فسأل الغيطي ضيفه قائلًا: «يعني أنت شاكك أن ممكن يكون فيه إخوان وراء الحادث»؟ فرد «الخبير» قائلًا: «ممكن …»!
من جهتها لم تتردد الكاتبة الراحلة نوال السعداوي في الادعاء في برنامج (ضيف ومسيرة) على قناة (فرانس 24) الفرنسية الناطقة بالعربية، في سبتمبر 2017 أنها رأت بنفسها «هيلاري كلينتون توزع دولارات في ميدان التحرير على الشباب، حتى ينتخبوا الإخوان المسلمين»!
رغم اختلاف فئات العلمانيين وبلدانهم فإنهم يكادون يستعملون الأساليب والطرق نفسها لبلوغ هدفهم الأسمى والمتمثل في شيطنة عدوهم الوحيد المتمثل في الإسلام والمسلمين ،هذا ما ينطبق على بعض الإعلاميين والسياسيين الفرنسيين الذين يتبجحون في العادة بإعطاء دروس في احترام الموضوعية المهنية وحقوق الإنسان خصوصا في عهد الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون صاحب قانون مواجهة الانفصالية أو تعزيز مبادئ الجمهورية، فلم يكتف صحفيون وإعلاميون وسياسيون فرنسيون بإظهار عدائهم للإسلام والمسلمين في فرنسا، بل تباروا في فبركة أكاذيب وافتراءات وصلت حد الفجاجة، إذ أوردت الصحيفة التركية (دايلي صباح) في أوائل شهر مارس المنصرم نقلا عن وكالة الأناضول التركية، نماذج للأكاذيب والافتراءات التي صدرت عن سياسيين وإعلاميين وصحفيين فرنسيين، لتبرير تمرير قانون «الانفصالية» المعادي للمسلمين، فعلى سبيل المثال زعم الصحفي ومقدم البرامج التليفزيونية فرانز أوليفير غيزبرت، أن مفهوم «الحلال» لم يكن موجودا قبل 30 عاما، و«إنما هو أمر مستحدث، وجدار أقامه السلفيون والإخوان المسلمون والخميني، لفصل المسلمين الذين يعيشون في الغرب عن المجتمع»، كما ادعى وزير التعليم الفرنسي جان ميشيل بلانكير، أن «الطلاب المسلمين يرفضون حضور الدروس في الفصول التي تحوي أثاثا أحمر، لأنهم يعتبرونه لون الشيطان». أما الإعلامي الفرنسي ستيفان روز، فقد زعم أن من سماهم «الإسلاميين» هم فقط الذين يرددون عبارة «الله أكبر»، كما ادعى ديديه لومير، معلم الفلسفة المعروف بعدائه للإسلام، بأن «هناك آباء وأمهات يرشون بناتهم بالمُطهرات عند العودة من المدارس، نظرا لوجودهن في مكان واحد مع غير المسلمين»، وأعرب البروفيسور باسكال أستاغنيو عن موقفه المعادي للإسلام زاعما بأن «البصق على الأرض» يعد طقسا دينيا للمسلمين في رمضان. أما السياسي لورانس مارشاند تايلاد، فقد حاول ربط أحداث «السترات الصفراء» بالمسلمين قائلا: «يجب النظر فيما إذا كان الإخوان المسلمون وراء استراتيجية ذوي السترات الصفراء لنشر عدم الاستقرار في فرنسا».
لم تقتصر افتراءات العلمانيين على المسلمين الأحياء بل صبوا حقدهم وأكاذيبهم حتى على أموات المسلمين ،ففي مطلع ثمانينيات القرن الماضي (1981) زعم الكاتب العراقي عبد الرحمن فوزي في كتابه (الرقابة على المطبوعات في العراق) أن الخليفة العثماني عبد الحميد الثاني منع تدريس العلوم الحديثة في الخلافة العثمانية طيلة حكمه بعد أن أقنعه أحد رجال الدين المقربين منه أن تسمية جزيء الماء «H2O» في الكيمياء كانت تعني أن «حميد الثاني صفر».. فالمقصود ب(H 2) هو السلطان عبد الحميد الثاني، لأن الحرف الأول هو الحرف الأول من حميد، والرقم 2 يعني الثاني، أما الرقم O فيعني أن السلطان يساوى صفراً!
هذا الافتراء طال السلطان عبد الحميد الثاني الذي التحق بجوار ربه في 1918 أي قبل 61سنة من صدور كتاب عبدالرحمن فوزي الذي لم يتحرج من إطلاق هذه الكذبة على أحد خلفاء المسلمين الذي وصف من طرف المؤرّخ الاسكتلندي «نورمان ستون» والمؤرخ التركي «باسكين أوران» بأنه «أبو الحداثة التركية». وأنه على الرغم من الحروب الروسية والمؤامرات الغربية المستمرة على الدولة العثمانية، قام بتأسيس وزارة التربية والتعليم وإنشاء أول جامعة في عهد الدولة العثمانية عام 1900، وهي جامعة إسطنبول ،وعرف عنه المشاركة في حفل تخرج الطلاب من الجامعة أو مدارس الثانوية العامة، وتشجيعهم على دراسة وتعلّم العلوم الدنيوية و إرسال الطلاب المتفوقين في بعثات علمية إلى الغرب.
وصدق الله العظيم القائل في الآية 105 من سورة النحل {إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون}.

(المصدر: صحيفة البصائر الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى