حقوق المرأة في المذهب الشيعي
بقلم أ. د. ناصر بن عبدالله القفاري
قرأت قبل ما يزيد عن ثلاثين سنة ما ذكره الشيخ موسى جار الله – آخر شيخ للإسلام في روسيا – في كتابه «الوشيعة» بعد إقامة طويلة له في إيران عن حال المرأة البائس في بلاد الشيعة – كما يعبر – وذلك حين ذكر بأنه كتب لمراجعهم ورقة وسلمها لمرجع الشيعة في عصره محسن العاملي، ليقدمها كما يقول لمجتهدي طهران، ومما جاء في هذه الورقة: «أرى ابتذال النساء وحرمات الإسلام في شوارع مدنكم بلغ حدًّا لا يمكن أن يراه الإنسان في غير بلادكم»[1].
وكنت أظن أن هذا انحراف في واقعهم تنكره أصولهم ولا يقره مذهبهم، وينبذه رجال دينهم، ولكني حينما وقفت على مصادرهم أثناء دراستي للتشيع في مرحلتي الماجستير والدكتوراه وما بعدها رأيت أن هذا الابتذال ثمرة مرة لما جمعته مصادرهم من نصوص منسوبة كذبًا لبعض آل البيت، تتضمن امتهانًا للمرأة، وظلمًا لها، وانتقاصًا من مكانتها، وانتهاكًا لحقوقها، وأنواعًا من التمييز والاستعلاء الذكوري المقيت ضدها، وحرمانها من أيسر حقوقها التي كفلتها لها شريعة الإسلام كالميراث والحياة الزوجية الآمنة المستقرة، بل تنتهي هذه النصوص إلى أن المرأة مصدر كل الشرور، ووصفها بأوصاف لا تليق بدينها، بل ولا بإنسانيتها.
ففي مصادرهم المعتمدة لديهم توصف المرأة بأنها السبب الأول، بل ربما الأوحد لصرف الناس عن عبادة رب العالمين، فقد جاء في كتاب «من لا يحضره الفقيه»[2]: «لولا النساء لعُبد الله حقًّا حقًّا»[3]، وهذا يعني أن المرأة هي المانع للبشرية من عبادة الله – جل وعلا – والنصوص الشرعية تذكر أن المانع من عبادة الله قد يكون الشيطان بوسوسته وإغرائه، وقد يكون النفس الأمارة بالسوء، وقد يكون غيرها من سبل الإغواء.
وتأتي بعض نصوصهم لتقسم المرأة باعتبار عمرها إلى قسمين: القسم الأول: ما يجتمع فيه خيرها وشرها، وهذا يكون في أول عمرها، والقسم الثاني: ما يبقى فيه شرها ويذهب خيرها، وهو آخر عمرها إذا كبرت، يروون عن أبي جعفر – عليه السلام – أنه قال: «إن المرأة إذا كبرت ذهب خير شطريها وبقي شرهما: ذهب جمالها، وعقم رحمها واحتد لسانها»[4].
وتأتي روايات أخرى تصف المرأة بالشبق وشدة الغلمة وثوران الشهوة: «خلق الله الشهوة عشرة أجزاء، فجعل تسعة أجزاء في النساء، وجزءًا واحدًا في الرجال، ولولا ما جعل الله فيهن من الحياء على قدر أجزاء الشهوة لكان لكل رجل تسع نسوة متعلقات به»[5]، «إن الله جعل للمرأة صبر عشرة رجال فإذا هاجت كانت لها قوة شهوة عشرة رجال»[6]، و«فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين من اللذة ولكن الله ألقى عليهن الحياء»[7].
وهذه الدعاوى لا أصل لها من علم، ولا دلالة عليها من واقع[8].
وتوصف المرأة في مصادر الشيعة بالعي الذي لا يستر إلا بالسكوت، وأنها عورة في كل حال لا ستر لها إلا في البيوت، تقول: «النساء عي وعورة فاستروا العورات بالبيوت، واستروا العي بالسكوت»[9].
أما المرأة في الإسلام فكانت راوية للحديث، وداعية إلى دين الله، وكان منهن عالمات، وفقيهات، ومحدثات.
والمرأة العقيم في موازين الشيعة منزوعة الخيرية، بل بعض الجمادات خير منها مهما كان صلاحها وتقواها، تقول مصادرهم: «لَحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد»[10].
وهذا اعتراض على قدر الله تعالى، فالله جل وعلا يجعل من يشاء عقيمًا، كما قال سبحانه: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِـمَن يَشَاءُ إنَاثًا وَيَهَبُ لِـمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ 49 أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ 50} [الشورى: 49، 50]، وهذا لا سبب للمرأة فيه، بل قد تؤجر العقيم على صبرها ورضاها بما قدر الله عليها.
وفي مصادر الشيعة أن من علامة الشؤم الذي توصف به المرأة عسر ولادتها، وشدة مؤونتها، تقول مصادرهم: «من بركة المرأة خفة مؤونتها وتيسير ولادتها، ومن شؤمها شدة مؤونتها وتعسير ولادتها»[11].
أما في دين الإسلام فإن ما يصيب المرأة من ألم أو نصب أو تعب فهو كفارة لذنوبها ورفع لدرجاتها، عن أبي سعيد الخدري، وعن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما يصيب المسلم، من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه»[12].
وأما كفالتها وتربيتها فهو سبب لدخول الجنان، وحصول رضا الرحمن، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو» وضم أصابعه[13].
وفي مصادرهم أن الصلاح في النساء قليل، والفساد فيهن كثير، فادعوا أن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال: «الناجي من الرجال قليل ومن النساء أقل وأقل، قيل: ولم يا رسول الله؟ قال: لأنهن كافرات الغضب مؤمنات الرضا»[14]، وعن أبي عبدالله – عليه السلام -: «إنما مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم في الغربان، وهو الأبيض إحدى الرجلين»[15].
أما في الإسلام فإن الله سبحانه خلق الخلق على الفطرة السوية، والملة الحنيفية، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِـخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]، والفساد يطرأ على الإنسان بتأثير التربية والبيئة، والاستجابة لداعي الهوى ووساوس الشيطان ونحوها، والمرأة والرجل في ذلك سواء.
أما رأي المرأة فلا وزن له عندهم ولا قيمة، وإذا احتيج إلى استشارتهن فإنما يكون لمعرفة الصواب بمخالفتهن، لا لأن رأيهن يحتمل الصواب، فجعلوا مخالفة رأي المرأة علامة على إصابة الحق، فقالوا: «في خلاف النساء البركة»[16].
بل يتوعدون من يأخذ برأي المرأة، ويصدر عن رؤيتها، ويتوجه بتدبيرها ولو كان صوابًا باللعن، فقالوا: «كل امرئ تدبره امرأة فهو ملعون»[17]، ويفترون على رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب ويزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن»[18]، وذكروا أن آدم ما خرج من الجنة إلا بسبب طاعة المرأة، فقالوا: «أول من أطاع النساء آدم، فأنزله الله تعالى من الجنة»[19].
بل جعلوا عصيان أمرهن ومخالفة رأيهن قربة وطاعة، فدعوا إلى عصيانهن حتى في المعروف، لا فرق في ذلك بين خيارهن وشرارهن، فعن أبي عبدالله – عليه السلام – قال: ذكر رسول الله – صلى الله عليه وآله – النساء فقال: «اعصوهن في المعروف قبل أن يأمرنكم بالمنكر، وتعوذوا بالله من شرارهن، وكونوا من خيارهن على حذر»[20]، وعن أبي عبدالله – عليه السلام – قال: قال أمير المؤمنين – عليه السلام – في كلام له: «اتقوا شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حذر، وإن أمرنكم بالمعروف فخالفوهن كيلا يطمعن منكم»[21]، وعن أبي عبدالله – عليه السلام – قال: «إياكم ومشاورة النساء فإن فيهن الضعف والوهن والعجز»[22]، وقالوا: «إياك ومشاورة النساء فإن رأيهن إلى الأفن، وعزمهن إلى الوهن»[23].
هذا ما تقوله مصادر الشيعة، ولا أصل لذلك في الإسلام، فالله جل وعلا قال: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38]، وهذا لفظ عام يشمل الرجال والنساء، والرسول صلى الله عليه وسلم قد عمل بمشورة أم سلمة في صلح الحديبية[24].
وينهون عن طاعة النساء بكل حال، ويدعون إلى عدم ائتمانهن على الأموال، وحرمانهن من تربية الأولاد، ويشككون في أمانتهن، بل يصفونهن بكل نقيصة، ويصمونهن بكل رزيلة، فزعموا أن عليًّا رضي الله عنه قال: «يا معاشر الناس لا تطيعوا النساء على حال، ولا تأمنوهن على مال، ولا تذروهن يدبرن أمر العيال، فإنهن إن تركن وما أردن أوردن المهالك، وعدون أمر المالك، فإنا وجدناهن لا ورع لهن عند حاجتهن، ولا صبر لهن عند شهوتهن، البذخ لهن لازم وإن كبرن، والعُجب لهن لاحق وإن عجزن، لا يشكرن الكثير إذا منعن القليل، ينسين الخير ويحفظن الشر، يتهافتن بالبهتان، ويتمادين في الطغيان، ويتصدين للشيطان، فداروهن على كل حال، وأحسنوا لهن المقال، لعلهن يحسن الفعال»[25].
ومن ظلمهم للمرأة منعهم لتعليمها حيث تدعو نصوصهم إلى ترك المرأة بلا تعليم، فتقول: «لا تعلموهن الكتابة»[26]، وأن يبقين – كما يعبرون – بلهاء، يقولون: «ألهموهن حب علي – عليه السلام – وذروهن بلهاء»[27].
بل جاء في مصادرهم النهي عن تعليمهن بعض سور القرآن كسورة يوسف، فزعموا أن أمير المؤمنين – عليه السلام – قال: «لا تعلموا نساءكم سورة يوسف، ولا تقرؤوهن إياها، فإن فيها الفتن، وعلموهن سورة النور فإن فيها المواعظ»[28].
وقد دأبت مصادرهم على تجريد المرأة من كل فضيلة في مقابل الرجال، حتى قالت: فضل الرجال على النساء «كفضل السماء على الأرض، وكفضل الماء على الأرض، فالماء يحيى الأرض، وبالرجال تحيى النساء، لولا الرجال ما خلقت النساء»[29].
أما حقوق المرأة الشيعية في حياة زوجية مستقرة ومحيط أسري ونفسي واجتماعي آمن، فربما يكون مفقودًا وسط دعوة مفتوحة لأزواجهن داعية لهم إلى الاستمتاع بالخليلات من النساء، تقول نصوصهم: عن أبي عبدالله – عليه السلام – قال: «ذكرت له المتعة أهي من الأربع؟ فقال: تزوج منهن ألفًا فإنهن مستأجرات»[30].
وهؤلاء الآلاف من النساء اللاتي يتم الارتباط بهن في علاقة متعة لا يمنع من اختيارهن أن تكون هذه المرأة أو تلك من الزواني، ولذا قال شيخهم الطوسي: «ولا بأس بالاستمتاع بالزانية»[31]، وقال الخميني: «يجوز التمتع بالزانية»[32].
وجاء في أخبارهم: عن إسحاق بن جرير قال: قلت لأبي عبدالله – عليه السلام -: «إن عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور أيحل أن أتزوجها متعة؟ قال: فقال: رفعت راية؟ قلت: لا لو رفعت راية أخذها السلطان، قال: نعم تزوجها متعة، قال: ثم أصغى إلى بعض مواليه فأسر إليه شيئًا، فلقيت مولاه فقلت له: ما قال لك؟ فقال: إنما قال لي: ولو رفعت راية ما كان عليه في تزويجها شيء إنما يخرجها من حرام إلى حلال»[33].
ولا تقدر مدة الاستمتاع بقدر، فله أن يستأجرها لعلاقة واحدة، حيث يمكن للرجل عندهم أن يتمتع بامرأة لمدة ساعات بمقابل مادي ودون وجود شهود ولا ولي[34]، وهذا هو الزنا بعينه. جاء في أخبارهم عن خلف بن حماد، قال: أرسلت إلى أبي الحسن (عليه السلام): «كم أدنى أجل المتعة؟ هل يجوز أن يتمتع الرجل بشرط مرة واحدة؟ فقال: نعم»[35]، وعن أبي عبدالله – عليه السلام – عن الرجل يتزوج المرأة على عرد واحد[36]، فقال: «لا بأس، ولكن إذا فرغ فليحول وجهه ولا ينظر»[37].
وهم يدفعون أتباعهم لهذا الخنا الذي هو في حقيقته فحش وزنا دفعًا وبشتى المغريات، فمرة يقولون: إنه من فرائض دينهم «ليس منا من لم يؤمن بكرتنا ويستحل متعتنا»[38]، وحينًا يتوعدون تاركه بالعقوبات: «من خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجدع»[39]، يعني مقطوع الأنف والأذن. ومرة يقولون إن من يمارس هذه الشهوات، أو قل: الموبقات، ينال في الفضل أعلى الدرجات، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من تمتع مرة كان درجته كدرجة الحسين، ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن، ومن تمتع ثلاث مرات كان درجته كدرجة علي، ومن تمتع أربع مرات كانت درجته كدرجتي»[40].
وهكذا يسوقون أتباعهم إلى الرذيلة بشتى الوعود والمفتريات حتى قالوا: «إذا تزوجها متعة لم يكلمها كلمة إلا كتب الله له بها حسنة، ولم يمد يده إليها إلا كتب الله له حسنة»، إلى أن يقول: «فإذا اغتسل غفر الله له بعدد الشعر»[41]، ويقولون: «ما من رجل تمتع ثم اغتسل إلا خلق الله من كل قطرة تقطر منه سبعين ملكًا يستغفرون له إلى يوم القيامة، ويلعنون متجنبها إلى أن تقوم الساعة»[42].
وقد بلغت دعواتهم للخنا إلى الاعتداء على حقوق الآخرين في حياة زوجية آمنة، فلا تمنع مبادئهم أي رجل أن يعرض المتعة على أي امرأة تعجبه ولو كانت متزوجة، لكن بشرط أن لا يسألها: هل لها زوج أم لا؟
جاء في مصادرهم المعتمدة عندهم: عن فضل مولى محمد بن راشد، عن أبي عبدالله – عليه السلام – قال: قلت: إني تزوجت امرأة متعة فوقع في نفسي أن لها زوجًا، ففتشت عن ذلك فوجدت لها زوجًا قال: ولم فتشت؟![43].
ولذا قال شيخهم الطوسي: «وليس على الرجل أن يسألها هل لها زوج أم لا»[44].
وهم لا يخصون إباحيتهم ببني ملتهم، بل يوصي إمامهم بأن يعرض التمتع على نساء أهل السنة[45]، ونساء اليهود والنصارى[46].
فإباحيتهم شاملة لا تذر مجتمعًا أتت عليه إلا أفسدته، فهم زناة يعيشون بين المسلمين، ويحملون اسم الإسلام، ويسعون في الأرض فسادًا وأقوالهم تشهد على آثارهم.
وأبواب العلاقات الجنسية مفتوحة عندهم تذكرك بالنحلة المزدكية التي تقوم علاقاتها الجنسية على الشيوع والإباحية، فعند الرافضة ما يسمونه بـ«المتعة الدورية» وهي أن يستمتع جماعة بامرأة واحدة ويقرروا الدورة والنوبة لكل منهم[47]، وقد استطاع الشيخ محمد نصيف – رحمه الله – بطريقة ذكية أن يقف على إقرار شيوخ الشيعة بأمر المتعة الدورية، وذلك في حوار له مع شيخهم أحمد سرحان، حيث قال نصيف للشيعي: إن أهل السنة ثبت عندهم نسخ المتعة، ولم يثبت عند الشيعة ذلك، لكني لم أعرف دليلكم على جواز المتعة الدورية، فأجاب الشيعي بأن المتمتع بالمرأة يعقد عليها بعد نهاية متعته منها عقد زواج دائم، ثم يطلقها قبل الدخول فتصبح لا عدة عليها، فيتمتع بها آخر ويفعل كالأول، فتدور المرأة على مجموعة من الرجال بهذه الطريقة بلا عدة[48].
وعندهم أيضًا ما يسمونه بـ«عارية الفرج» جاء في كتبهم: «عن الحسن العطار قال: سألت أبا عبدالله – عليه السلام – عن عارية الفرج قال: لا بأس»[49].
وجاء في مصادرهم ما يحول الزنا إلى زواج مقابل كفٍّ من ماء، فقالوا: عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «جاءت امرأة إلى عمر فقالت: إني زنيت فطهرني، فأمر بها أن ترجم فأخبر بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: كيف زنيت؟ فقالت: مررت بالبادية فأصابني عطش شديد فاستسقيت أعرابيًّا فأبى أن يسقيني إلا أن أمكنه من نفسي فلما أجهدني العطش وخفت على نفسي سقاني فأمكنته من نفسي، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): تزويج ورب الكعبة»[50].
كما أنهم يجيزون الشذوذ في معاشرة النساء، جاء في مصادرهم عن الرضى أنه سئل عن الرجل يأتي امرأته في دبرها قال: ذلك له»[51]، وقال شيخهم الخميني: «والأقوى والأظهر جواز وطء الزوجة من الدبر»[52].
وهكذا تعج مصادرهم بروائح منتنة من الأوحال الإباحية الساقطة التي يدعون أتباعهم لها، بل ويتخذونها وسيلة لدعوة غيرهم إلى نحلتهم، كما أفصح عن ذلك محمد كامل الرافعي في رسالة أرسلها لصديقه الشيخ رشيد رضا ونشرتها «مجلة المنار»، وكشف فيها الوسيلة التي يستخدمها الروافض في الترويج لمذهبهم، حيث وقف أثناء سياحته في الديار العراقية سنة 1326هـ على ما يقوم به علماء الشيعة من دعوة الأعراب إلى التشيع واستعانتهم في ذلك بإحلال متعة النكاح لمشايخ قبائلهم الذين يرغبون الاستمتاع بكثير من النساء في كل وقت[53].
يقول العلامة الألوسي وقد عايش الرافضة واطلع على أحوالهم، ورأى رواج ما يسمونه «المتعة» بينهم، وبين أنه لا يختلف عن الزنا بحال، يقول: «من نظر إلى أحوال الرافضة في المتعة في هذا الزمان لا يحتاج في حكمه عليهم بالزنا إلى برهان، فإن المرأة الواحدة تزني بعشرين رجلًا في يوم وليلة، وتقول: إنها متمتعة، وقد هيئت عندهم أسواق عديدة للمتعة توقف فيها النساء، ولهن قوادون يأتون بالرجال إلى النساء وبالنساء إلى الرجال، فيختارون ما يرضون ويعينون أجرة الزنا، ويأخذون بأيديهن إلى لعنة الله تعالى وغضبه»، ثم ذكر – رحمه الله – بعض تفاصيل وحكايات ما يجري هنالك[54].
وقامت د. شهلا الحائري بدراسة ميدانية واقعية لحال الشيعة مع المتعة في دراسة بعنوان: «المتعة الزواج المؤقت عند الشيعة».
وهذه الفوضى الجنسية باب مفتوح لنقل الأمراض لمن سقط في أوحالها، بل وينقل ذلك إلى محيط الزوجية الآمن، لاسيما في عصر انتشرت فيه الأوبئة بسبب العلاقات الجنسية المحرمة والتي عجز الطب عن علاج بعضها.
وهذه الفوضى الجنسية لا تترك أيضًا مجالًا لبناء حياة زوجية مستقرة تقوم على المحبة والرحمة.
يقول الشيخ موسى جار الله: «المتعة إجارة المرأة نفسها ليتمتع بها الرجال، وتجارة المرأة بفرجها؛ امتهان لها وهتك لشرفها وفتك لعزتها لا يستحلها إلا من يبتذل النساء ويحقر الأزواج ويظلمها أشد ظلم، وأخس رجل على وجه الأرض لا يرضى أن يتمتع أحد بأخته أو بنته، فكيف يستحلها الفقيه أو الإمام في بنات الأمة؟!»[55].
ويقول مبينًا الضرر النفسي الذي يلحق المرأة من مجرد كلمة «المتعة»: «ويكفينا كل تعب في سبيل تحريم متعة النساء كلمة (المتعة) وحدها التي تجرح شرف المرأة، فإن الإنسان غاية للكون وللتشريع ومقصد أصلي من كل نظام اجتماعي، لم يخلق الكون إلا لأجله ولم ينزل شرع ولم يوضع قانون إلا لأجل حقوقه وتحقيق مصالحه، هو الذي يملك متاع الدنيا وكل نعيم الآخرة، فجعلها متاعًا من الأمتعة يتمتع بها متمتع، ثم يلقيها لقي منبوذ إهانة لها أي إهانة، فإن من خلقه الله أهلًا للحقوق صاحب حق لا يكون متاعًا لآخر، آلة له في قضاء وطره إلا إذا حرم شرف الأهلية، واستئجار بدن الإنسان وإجارته والاتجار ببدنه وعفافه باطل في الإسلام، وهذا بينة متعارفة في الشرع، والمرأة إذا آجرت نفسها أو اتجرت بها مرة يتجنبها الرجال، ويمكن أن يزدحم عليها الأشرار، فلن تعود ربة بيت له شرف، ففي مرةِ متعةٍ هلاكُ المرأة إلى الأبد»[56].
أما حقوق المرأة المالية في المذهب الشيعي فقد انتهكت، وحاق بالمرأة الظلم المبين، ويأتي في مقدمة ذلك حرمانها من حقوقها في الميراث من الدور والعقار، جاء في مصادرهم المعتمدة: «فأما الأرضون والعقار فلا ميراث لهن فيه»[57]، وعقد الكليني في هذا الشأن بابًا مستقلًا في كتابه الكافي (أهم مصادرهم) بعنوان: «باب أن النساء لا يرثن من العقار شيئًا»[58]، ومن نصوصهم: «ليس للنساء من الدور والعقار شيء»[59].
ويبدو أن هذه النصوص نتاج العداء الذي يحملونه ضد أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن زوجاته – رضي الله عنهن -، ولكن الوضع والكذب لابد أن يتناقض، فقد كان من نتاج هذه النصوص العامة ثبوت بطلان ما يدعونه من حق فاطمة في فدك، ولذا حاولوا تخصيص هذا العموم بأنه خاص بالزوجات، فقالوا بأن المقصود بالنساء اللاتي لا يرثن الزوجات، فإنهن لا يرثن من الأرض ومن العقار، ووضعوا روايات تقول: عن أبي جعفر – عليه السلام – أن المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئًا[60].
وقالوا: «المرأة بمنزلة الضيف في منزل الرجل، لو أن رجلاً أضاف رجلًا فادعى متاع بيته كلفه البينة، وكذلك المرأة تكلف البينة، وإلا فالمتاع للرجل»[61]، وهذا ظلم للزوجات أيضًا ومخالفة لشرع الله.
ومن ظلمهم للمرأة وسلبهم لحقوقها منعهم الوصية إليها لأنها بزعمهم من السفهاء، يروون عن أمير المؤمنين – عليه السلام – أنه قال: «المرأة لا يوصى إليها لأن الله تعالى قال: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥]»[62].
أما في ميراث الخنثى فقد وضعوا مقاييس لا أصل لها من عقل ولا نقل، تعتمد في تحديد نوع الخنثى على عدد الأضلاع، ففي مصادرهم: أن علي بن أبي طالب – عليه السلام – كان يورث الخنثى فيعد أضلاعه، فإن كانت أضلاعه ناقصة من أضلاع النساء بضلع ورث ميراث الرجل، لأن الرجل تنقص أضلاعه عن ضلع النساء بضلع، لأن حواء خلقت من ضلع آدم – عليه السلام – القصوى اليسرى فنقص من أضلاعه ضلع واحد[63].
ومن ظلم المرأة في دين الشيعة أنها إذا قتلت رجلًا قتلت به، وإن قتلها رجل لم يقتل بها، عن أبي عبدالله – عليه السلام – قال: «إذا قتلت المرأة رجلاً قتلت به، وإذا قتل الرجل المرأة فإن أراد القود أدوا فضل دية الرجل وأقادوه بها، وإن لم يفعلوا قبلوا من القاتل الدية – دية المرأة – كاملة ودية المرأة نصف دية الرجل»[64].
وهذه الأحكام الجائرة ليس لها أصل في دين الإسلام.
:: مجلة البيان العدد 335 رجب 1436هـ، إبريل – مايو 2015م.
[1] «الوشيعة» (ص:18).
[2] أحد كتبهم الأربعة المعتمدة عندهم في الحديث حتى لقبوا مؤلفه بالصدوق.
[3] «من لا يحضره الفقيه» (3/390)، «وسائل الشيعة» (20/35).
[4] «الكافي» (5/515)، «من لا يحضره الفقيه» (3/468).
[5] «الكافي» (5/338)، «من لا يحضره الفقيه» (3/468)، «وسائل الشيعة» (20/63).
[6] «الكافي» (5/338)، «وسائل الشيعة» (20/63)، «بحار الأنوار» (100/241).
[7] «الكافي» (5/339)، «من لا يحضره الفقيه» (3/559)، «وسائل الشيعة» (20/63).
[8] وقد أنكر كثير من المحققين هذه الدعوى، قال ابن عقيل في الفنون: «قال فقيه: شهوة المرأة فوق شهوة الرجل بتسعة أجزاء. فقال حنبلي: لو كان هذا ما كان له أن يتزوج بأربع، وينكح ما شاء من الإماء» (الآداب الشرعية 2/389)، وينظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (2/66).
[9] «الكافي» (5/535)، «من لا يحضره الفقيه» (3/390)، «وسائل الشيعة» (20/66).
[10] «من لا يحضره الفقيه» (3/552)، «وسائل الشيعة» (20/250).
[11] «الكافي» (5/564)، «من لا يحضره الفقيه» (3/387)، «وسائل الشيعة» (21/250).
[12] أخرجه البخاري (5641)، ومسلم (2573).
[13] أخرجه مسلم (2631).
[14] «الكافي» (5/515)، «وسائل الشيعة» (20/49).
[15] «الكافي» (5/515)، «تهذيب الأحكام» (7/401).
[16] «الكافي» (5/518)، «وسائل الشيعة» (20/182).
[17] «الكافي» (5/518)، «من لا يحضره الفقيه» (3/468)، «بحار الأنوار» (100/228).
[18] «الكافي» (5/518)، «وسائل الشيعة» (20/179)، «بحار الأنوار» (100/227).
[19] «علل الشرائع» (2/512)، «بحار الأنوار» (9/299).
[20] «الكافي» (5/517)، «وسائل الشيعة» (20/179).
[21] «الكافي» (5/517)، «وسائل الشيعة» (20/179)، «بحار الأنوار» (100/224).
[22] «الكافي» (5/517)، «وسائل الشيعة» (20/182)، «بحار الأنوار» (88/255).
[23] «الكافي» (5/338)، «وسائل الشيعة» (20/65)، «بحار الأنوار» (74/213).
[24] أخرجه أحمد في «المسند» (18910)، وإسناده حسن.
[25] «تهذيب الأحكام» (3/554)، «وسائل الشيعة» (20/180)، «بحار الأنوار» (100/223).
[26] «الكافي» (5/516)، «من لا يحضره الفقيه» (3/442)، «بحار الأنوار» (100/261).
[27] «من لا يحضره الفقيه» (3/442)، «وسائل الشيعة» (20/177).
[28] «الكافي» (5/516)، «وسائل الشيعة» (20/177).
[29] «علل الشرائع» (2/512)، «بحار الأنوار» (9/299).
[30] «الكافي» (5/452)، «الاستبصار» (3/148)، «وسائل الشيعة» (21/19).
[31] «النهاية» (ص490).
[32] «تحرير الوسيلة» (2/292).
[33] «تهذيب الأحكام» (2/249)، «وسائل الشيعة» (14/455).
[34] انظر: «النهاية» للطوسي (ص491)، «تحرير الوسيلة» للخميني (2/290).
[35] «فروع الكافي» (2/46)، «وسائل الشيعة» (14/479).
[36] العرد: المراد به المرة الواحدة من المواقعة (هامش الاستبصار 3/151).
[37] «الكافي» (5/460)، «الاستبصار» (3/151)، «وسائل الشيعة» (21/58).
[38] «من لا يحضره الفقيه» (3/291)، «وسائل الشيعة» (7/438)، «تفسير الصافي» (1/347)، «بحار الأنوار» (53/929).
[39] «منهج الصادقين» ص356 (فارسي) طبعة إيران.
[40] «تفسير منهج الصادقين» لملا فتح الله كاشاني (ص356).
[41] «من لا يحضره الفقيه» (2/151)، «وسائل الشيعة» (14/442).
[42] «وسائل الشيعة» (21/16)، «بحار الأنوار» (100/307).
[43] «تهذيب الأحكام» (7/253)، «وسائل الشيعة» (21/31).
[44] «النهاية» (ص490).
[45] انظر: «فروع الكافي» (2/44)، «وسائل الشيعة» (14/452).
[46] انظر: «وسائل الشيعة» (14/452)، «تهذيب الأحكام» (2/188)، «من لا يحضره الفقيه» (2/148).
[47] انظر: «مختصر التحفة الاثني عشرية» (ص227)، وانظر ما ذكره الشيخ العاني عن شيوع استعمالها في بعض مدارس النجف (الذريعة لإزالة شبه كتاب الشيعة ص45-46).
[48] انظر: مجلة الفتح العدد 845، الصادر في رجب سنة 1366هـ.
[49] «وسائل الشيعة» (7/536-537)، «تهذيب الأحكام» للطوسي (2/185)، «الاستبصار» (3/141).
[50] «الكافي» (5/467)، «وسائل الشيعة» (21/50).
[51] «الكافي» (5/540)، «تهذيب الأحكام» (7/415-416).
[52] «تحرير الوسيلة» (2/241).
[53] وقد نشرت الرسالة في مجلة المنار ولم يفصح عن اسم كاتبها في أول الأمر، ثم بيّن الشيخ رشيد فيما بعد اسم كاتب الرسالة، حيث أشار إلى ذلك في المجلد (29)، وقال إنه لم ننشر اسم الكاتب حينذاك لئلا تؤذيه الحكومة الحميدية كما هو معلوم من حالها (انظر: مجلة المنار، المجلد (29)، وانظر أيضًا: المجلد: الثاني ص687).
[54] «كشف غياهب الجهالات» (الورقة 3) (مخطوط).
[55] «الوشيعة» (ص:232).
[56] «الوشيعة» (ص:237).
[57] «الاستبصار» (4/153).
[58] «الكافي» (7/127).
[59] «الكافي» (7/129)، «تهذيب الأحكام» (9/299)، «وسائل الشيعة» (26/209).
[60] «الكافي» (7/127)، «الاستبصار» (4/151)، «وسائل الشيعة» (26/206).
[61] «الاستبصار» (3/45)، «تهذيب الأحكام» (6/297).
[62] «من لا يحضره الفقيه» (4/226)، «وسائل الشيعة» (19/379).
[63] «من لا يحضره الفقيه» (4/326)، «وسائل الشيعة» (26/288).
[64] «الكافي» (7/298)، «وسائل الشيعة» (29/81).
(المصدر: مجلة البيان)