عالم مغربي: “الديانة الإبراهيمية” بدعة كفرية تتولى الإمارات الدعوة إليها
أكد رئيس رابطة علماء المغرب العربي وعضو رابطة علماء المسلمين وعضو لجنة الدعوة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ الحسن بن علي الكتاني، أن “(الديانة الإبراهيمية) مجرد بدعة مصدرها مراكز بحثية ضخمة وغامضة”، لافتا النظر إلى أن “الإمارات تتولى بقوة الدعوة لهذه البدعة الكفرية الجديدة”.
كلام الشيخ الكتاني جاء في لقاء خاص مع “وكالة أنباء تركيا”، اليوم الثلاثاء، أوضح فيه ماهية “الديانة الإبراهيمية” والسبب الرئيسي وراء ظهورها في هذا الوقت بالذات، والجهات التي تقف وراء هذه الديانة، وكيفية التصدي لها والوقوف في وجهها.
وقال الشيخ الكتاني:
- الديانة الإبراهيمية هي بدعة جديدة يراد منها خلط الأديان الثلاثة اليهودية والنصرانية والإسلام، في دين واحد يـُدّعى أنه دين إبراهيم عليه السلام.
- بما أن الديانات السماوية تسمى بالديانات الإبراهيمية، نسبة إلى خليل الرحمن إبراهيم أبي الأنبياء عليه السلام والذي تعترف به الأديان الثلاثة، فالديانة المستحدثة أطلق عليها (الديانة الإبراهيمية الجديدة).
- مصدر (الديانة الإبراهيمية الجديدة) مراكز بحثية ضخمة وغامضة، انتشرت مؤخراً في ربوع العالم، وأطلقت على نفسها اسم (مراكز الدبلوماسية الروحية).
- يعمل على تمويل تلك المراكز أكبر وأهم الجهات العالمية، مثل: الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والولايات المتحدة الأميركية.
- الرؤية والرسالة الظاهرية لتلك المراكز البحثية تعتمد على توكيد أن الأديان هي السبب الرئيسي والجوهري لإشعال أشد الصراعات عنفا على مر العصور؛ والسبب عدم تقبل الآخر بسبب عدم فهم نصوص ديانته.
- الهدف الرئيسي من هذه البدعة القبول بالاحتلال اليهودي لأرض فلسطين وعدم رؤيته شيئا أجنبيا”.
وعن سبب ظهورها في هذا الوقت بالذات، أوضح الشيخ الكتاني:
- مع تغيير الاتجاه العالمي للسياسة الخارجية، وظف الدين بجعله أحد الحلول المطلقة لمعضلات سياسية. وبالفعل، اختبروا ذلك في حيز محدود فيما يسمى بـ(مؤتمرات حوارات الأديان) التي ساهمت في تهدئة أوضاع متأزمة بين الدول، ولكن على نحو نخبوي.
- لكن إقرار السلام يتطلب حسابات أخرى تكفلت بها مراكز (الدبلوماسية الروحية) التي رأت أن حل الصراعات ممكن إذا أعيد تفسير النصوص الدينية بشكل تنويري يحقق السلام.
- وعند وجود أي نص عدائي أو يدعو للعنف، يأتي هنا دور (القادة الروحيين) في إعادة التفسير والتأويل.
- وذلك الاتجاه ليس بالغريب أو البعيد عن عالمنا المعاصر؛ حيث يطالعنا الإعلام في كل يوم بوجوه جديدة لا ترتدي عباءة رجال الدين، لكن تدعي التنوير والتدين، وتأخذ في إعادة تأويل النصوص الدينية، ونصوص التفسير لتمهيد الطريق لعمل مراكز (الدبلوماسية الروحية) التي تنتشر في مراكز الصراع، وتركز على قيم الود والتسامح، وخاصة ما يختص بالقضايا الشائكة في الشرق الأوسط.
- وعلى هذا، تُرسخ في الأذهان فكرة أن الأديان القائمة في شكلها الحالي ما هي إلا مصدر للمتاعب، ويجب إعادة تأويلها بشكل مسهب لدرجة تمنح الدين وقضاياه ميوعة لا يمكن بعدها تمييز قيم دين عن الآخر”.
وعن الجهات التي تقف وراء “الديانة الإبراهيمية” قال الشيخ الكتاني:
- واضح أنه يقف وراءها مراكز البحث في الدول الداعية للتطبيع مع العدو الصهيوني، وأهم تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية.
- في العالم العربي تتولى الإمارات العربية المتحدة بقوة الدعوة لهذه البدعة الكفرية الجديدة، ويتقدم في ذلك (علماء) مشهورون أمثال عبد الله بن بية وعلي الجفري ومن وافقهما.
وفي رد على سؤال فيما إذا لهذه الديانة مثيل في التاريخ الإسلامي، أوضح الشيخ الكتاني قائلا “نعم، لما حكم المغول بلاد المسلمين بعد جنكيز خان في القرن الثامن الهجري، حكموا بقوانين مختلطة من الإسلام والنصرانية واليهودية وغيرها من الأهواء كما ذكر الحافظ ابن كثير وسموها (الياسق)، وألزموا بها الناس، حتى بعد دخولهم في الإسلام بقوا يحكمون بهذا القانون”.
وأضاف “وكذلك في الهند في القرن العاشر الهجري، ظهر سلطان يدعى جلال الدين أكبر، اخترع دينا خليطا من الإسلام وغيره من الملل في الهند وألزم الناس به. لكن هذه الضلالات واجهها العلماء وتلاشت بحمد الله”.
وأكد أن هذه الديانة مرفوضة إسلاميا، وتابع قائلا:
- عقدنا منذ يومين مؤتمرا نحن رابطة علماء المغرب العربي ورابطة علماء المسلمين والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وقررنا أن هذه الدعوة كفر صراح ومروق من الدين.
- وقد جاء في البيان الختامي للمؤتمر: (إن أساس فكرة الدين الإبراهيمي يقوم على المشترك بين عقيدة الإسلام وغيره من العقائد وهي فكرة باطلة؛ إذ الإسلام إنما يقوم على التوحيد والوحدانية، وإفراد الله تعالى بالعبادة، بينما الشرائع المحرفة قد دخلها الشرك، وخالطتها الوثنية، والتوحيد والشرك ضدان لا يجتمعان).
- والزعم بأن إبراهيم على دين جامع للإسلام واليهودية والنصرانية زعم باطل، ومعتقد فاسد، قال سبحانه: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران: 67]).
- إن طاعة أعداء الملَّة والدين في أمر الدين المبتدع، والقبول به، والدعوة إليه- خروج من ملَّة الإسلام الخاتم الناسخ لكل شريعةٍ سبقته، ولن يفلح قوم دخلوا في هذا الكفر الصُّراح!
- قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 100].
- وقال جلَّ وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 149].
وعن آلية مواجهة هذه الديانة، قال الشيخ الكتاني إن “مواجهة هذه البدعة ستكون كما كانت مواجهة سابقاتها من قبل، وذلك بصدع العلماء بالحق وتبيان أن هذه الدعوة تناقض الإسلام تمام المناقضة، فهي كفر صريح وخروج من الملة والدين، وكذلك بعقد المؤتمرات التي ترد على شبهات القوم وتفضح مخططاتهم، وعلى العلماء أن ينشروا العقيدة الإسلامية الصافية ويحذروا من مثل هذه الضلالات.
وختم قائلا “روى البخاري (7311) ومسلم (156) عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ)، وفي رواية لسلم (1037) (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ). فالواجب على المسلمين علمائهم وأمرائهم وفضلائهم ورجالهم ونسائهم، الصبر على نصرة الحق حتى يقضي الله أمره وينصر دينه وترك الكسل والتواكل والرقاد. والله الموفق”.
(المصدر: وكالة أنباء تركيا)