مقالاتمقالات مختارة

خطورة موائمة الخطاب الإسلامي الجاهلي

خطورة موائمة الخطاب الإسلامي الجاهلي

بقلم د. خالد سعيد

إن مكمن المعضلة هو تفرق المسلمين فما انفكوا في مذاهبهم قِدداً؛ فكل يرى علة فيها لما اعتقدَ.

إذ دخلت عليهم داخلة الأيديولوجيات والمناهج المادية المعاصرة، وبعضها بل أكثرها ذو جذور دينية وخاصة منها الصليبية.

فنفرت من المسلمين طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم؛ بينا الدينيون الرسميون في كنف الدولة إذ الأنظمة صنائع الاستعمار الذي أتى بتلك المناهج.

فجاء الخطاب الإسلامي المقاوم في مقابل الرسمي المدجن -إن جاز التعبير- قبل أن يكون مكافحاً لتلك الوافدة.

وجاءت تأسيسات ومفردات المنهج الإسلامي المعاصر وما انبثق عنه من خطاب للأمة؛ مرتفعة السقف كما كانت مرفوعة الهام، وأصابت في مجملها وأخطأت في بعض تفاصيلها، إذ مفردات الخطاب واجتهاداته ليست معصومة بينا المنهج نفسه معصوم.

كما حوصرت بعض مفردات الخطاب منذ البدء لخطورتها؛ كدعوة الحركة الإسلامية لقيام الشريعة مرة أخرى وتزييف الجاهلية ذلك الخطاب على أنه دعوة للقطع والجلد والذبح، أو الدعوة لعودة الأمة للإسلام كما كان بحقيقته والزعم بأن ذلك تكفير للأمة.

ولذا تجد المتراجعين أمام شدة الهجمة ووطأة الواقع الضاغطة، والمهزومون في معارك لم يكن لهم قبل بها؛ يأخذون في التراجع وخفض السقف وتمييع الخطاب بل والمواقف بما يضاد منهج الإسلام الأصيل.

وكذلك يفعل بعض أولئك الموالين للأنظمة العلمانية المجرمة طلباً للسلامة، أو طمعاً في مغنم أو خوفاً من مغرم؛ وإخوانهم المنبطحين والمبررين للأنظمة المجرمة المعادية للإسلام ولو زعموا أنهم من أنصاره؛ كل أولئك إنما دخلوا هذا الجحر مدخل الضب وخرجوا منه مخرج الفويسقة وولغوا في نتنه ولوغ الجُعل أو الجعران.

والصواب هو موائمة الخطاب الإسلامي لا ليناسب الجاهلية المعاصرة او أنظمتها السياسية ومناهجها الفكرية، وإنما ليناسب عموم الأمة في أصله بما لا يخالف لغة السماع في اذان عامة المسلمين، ولا يضر أسماع خاصتهم، ولا يخالف أصل معتقدهم، أو ينقض أصول دينهم؛ ثم الثبات عليه والضغط به من جديد مع مراجعته كل فترة وتصحيح مساره، وهذا يستلزم وجود المنظرين والمفكرين وإعادة إثراء الواقع الإسلامي بهم.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى