عبير سلامة – الإسلام اليوم.
لم يكن مطيع الرحمن نظامي، الأول في قائمة الإعدامات التي تنفذها حكومة بنغلاديش، برئاسة شيخة حسينة واجد ابنة قائد الانفصال عن باكستان ومؤسسة دولة بنغلاديش، بدعم هندي مباشر، فنظامي هو القيادي الثالث للجماعة الإسلامية الذي يتم إعدامه خلال عام بعد إعدام الأمين العام لحركة الجماعة الإسلامية علي أحسن مجاهد ومساعده محمد قمر الزمان العام الماضي.
في ربيع سنة 1943 ولد نظامي في الهند البريطانية (التي كانت تجمع الهند وباكستان والتي كانت تتبع لها إداريا بنغلادش)، قبل استقلال الهند بأربعة أعوام، فبعد إعلان الاستقلال كان والد نظامي يقطن في الشق الباكستاني وفي جزء منها يسمى اليوم بنغلاديش بعد انفصالها عام 1971، حيث ترعرع نظامي هناك ودرس حتى الثانوية ثم التحق بجامعة دكا، وهي أقدم جامعة في بنغلاديش الحديثة؛ تأسست من قبل حكومة الإمبراطورية البريطانية في 1921، واكتسبت الجامعة سمعة قوية وعرفت بأنها “أكسفورد الشرق” خلال سنواتها الأولى وبعد تقسيم الهند، أصبحت الجامعة محور في تشكيل الحركات الديمقراطية في باكستان، وتخرج منها يحمل شهادة الدكتوراه في علم الاقتصاد عام 1968، وذلك قبل انفصال بنغلاديش عن باكستان بثلاثة أعوام.
يعتبر الإسلام هو دين غالبية السكان في بنغلاديش حيث يبلغ عددهم تقريبا 145 مليونا وثلاثمائة ألف، وهي رابع أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان في العالم، وذلك بحسب آخر إحصائية لمجموع السكان في البلاد عام 2009.
لماذا نظامي وليس غيره
نظامي من الشباب الأوائل ومن مؤسسي الجماعة الإسلامية قبل الانفصال مع غلام أعظم، الذي خلف أبو الأعلى المودودي في إمارة الجماعة في نهاية الستينيات من القرن الماضي، نظامي وأعظم حملا الجماعة الإسلامية على الوقوف ضد الحرب التي قادها شيخ مجيب الرحمن ـ والد رئيسة الحكومة الحالية شيخة حسينة ـ على باكستان مطلع السبعينيات من القرن الماضي للانفصال عنها، وهو ما اعتبره مجيب الرحمن وحزبه خيانة عظمى للقومية البنغالية، حتى أنه اتهم الجماعة الإسلامية بقيادة مليشيات مسلحة عاونت الجيش الباكستاني في قتل المدنيين المطالبين بالانفصال.
ومنذ ذلك الحين ونظامي ورفاقه يشكلون التيار المعارض في البلاد بقيادة غلام أعظم، حتى أنه انتخب عدة مرات في البرلمان، حتى ترأس حزب الجماعة الإسلامية في عام 2000، وبعدها بعام دخل الحزب في توافق مع الحزب القومي البنغلاديشي وتولى حقيبة وزارية في حكومة رئيسة الوزراء خالدة ضياء الرحمن، وهي أرملة رئيس بنغلاديش الأسبق ضياء الرحمن، وتقود حزبه القديم، الحزب الوطني البنغلادشي الذي يعد حزبا معارض اليوم.
في 29 أكتوبر 2014 قضت محكمة في العاصمة البنغلادشية دكا بإعدام مطيع الرحمن نظامي، زعيم حزب “الجماعة الإسلامية” بعد إدانته بثمان من أصل 16 تهمة وجهت إليه، من بينها ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والقتل والتعذيب والاغتصاب وتدمير الممتلكات خلال حرب الاستقلال عن باكستان والتي استمرت 6 شهور، نفذت سلطات بنغلاديش، حكم الإعدام يوم الأربعاء 11 مايو 2016.
وإعدام نظامي نتيجة لثمرة الضغوط الهندوسية وسعى أركان الحكومة بقيادة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة إلى تثبيت الوجود العلماني حيث بدأت تلك الحكومة حربا على الإسلاميين حينما اتهمت رئيسة الحكومة قادة الجماعة الإسلامية بارتكاب جرائم حرب عام 1971م خلال انفصال بنغلاديش عن باكستان، شملت القتل والنهب والسلب التي يزعم أنها وقعت في عام الانفصال (قبل 41 عاما).
الصمت الإسلامي ومحله من الإعراب
وكان من اللافت صمت زعماء الدول الإسلامية عن التعليق على إعدام نظامي، واستنكر علماء ودعاة، ذلك الصمت معتبرين أنه غير مبرر كون الأحكام التي صدرت بحق نظامي ورفاقه غير عادلة.
وأدانوا إقدام السلطات البنغالية على إعدام، زعيم الجماعة الإسلامية، مشيرين إلى أن تنفيذ الحكم بنظامي، “جريمة جائرة”.
حيث علق كل من رئيس الاتحاد العالمين لعلماء المسلمين، الدكتور، يوسف القرضاوي، والأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور علي القره داغي، منددين “بالصمت الدولي تجاه القضايا العادلة، وبخاصة عندما تتعلق بالإسلام والمسلمين”.
كما واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بإدانة هذا الفعل ضد المسلمين في بنغلادش، كما واعتصم المسلمون في بعض الدول مثل تركيا وباكستان أمام السفارة البنغالية احتجاجا على الحكم.
ماذا تريد شيخة حسينة؟
ويعتبر حزب عوامي العلماني الذي يتولى الحكم في البلاد بقيادة الشيخة حسينة، من أشد الأحزاب عداء للإسلاميين حيث قام خلال فترات حكمه منذ عام 1975 وحتى العام الجاري بعمليات قمع مستمرة استهدفت الإسلاميين من خلال قتل العلماء و الدعاة وإغلاق المدارس الإسلامية، وعمل من خلال منظومة إعلامية فاسدة على هدم القيم الإسلامية وإفساد عقائد المسلمين من بينها نشر رسوم مسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وعلى النقيض من ذلك فقد قام بتسهيلات كبيرة للمنصرين (المبشرين بالمسيحية) حيث بلغت عدد الكنائس في بنغلاديش 500 كنيسة بعد أن كانت 13 كنيسة عام 1961 ، وبحسب مقالة نشرها الكاتب رضا عبد الودود فإن:” جيش المنصرين الذي يزيد على 30 ألف منظمة وعلى رأسهم منظمة “الرؤية العالمية”، و”كاريتاس”، و”جمعية الشبان المسيحية” الذين تركزت جهودهم في بناء الكنائس في كل مكان، حتى في المناطق التي لا يوجد بها أي فرد مسيحي تمكن من رفع عدد النصارى في البلاد إلى مليوني نصراني بعد أن كانوا قلة لا تزيد عن 50 ألف خلال الانفصال، ولا يستبعد أن تكون سياسة علمنة البلاد المتبعة من الشيخة حسينة وحكومتها هدفها تسهيل مهام المنصرين الذين يسيطرون على الكثير من أراضي البلاد ويقومون باستغلالها استثماريا لتوفير عائدات مالية تدعم أنشطتهم، و توفر الدعم المالي لمرشحيهم في الانتخابات البرلمانية.