بقلم د. محمد العوضي
حقق هاشتاق (حلب تحترق) أعلى الأرقام القياسية على مستوى «تويتر» وأخواته من مواقع التواصل الاجتماعي ولعدة أيام متواصلة.
ورغم أن هذا الانتشار الواسع للهاشتاق دليل على وحدة مصاب وألم الأمة تجاه المأساة السورية وحلب على وجه الخصوص، وتعكس روح التنادي إلى النصرة بما هو متاح لدى الشعوب المغلوب على أمرها.
إلا أن هذه (الفزعة) من ناحية أخرى، قد تمنح المجرم السفاح وحلفاءه فرصة ذهبية يستثمرها ضدنا، وذلك بتركه لنا نعيش وهم الانتصار المزيف في وعينا الجمعي، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن هناك قنوات إعلامية وشخصيات ورموزا نخبوية وقعت بالفعل وعن حسن نية في فخ الانتشاء بما حققه هاشتاق (حلب تحترق) من انتشار كاسح تم تصديره للجمهور وكأنه الهجوم الكاسح!!
وكذا ترنمت بالزهو ألسنة شريحة عريضة في الشارع العربي ممن رأوا في هذ الانجاز الهادر على مواقع الفضاء الافتراضي مدعاة للإحساس باسترخاء المحارب المنتصر!
وقد فات الكثيرون أن هذا الهاشتاق على رمزيته الانسانية ورسالته التضامنية الصادقة، يظل في نهاية المطاف تعبيراً لفظياً محدود الأثر، لم ولن يلبي صرخة مستغيثة ولن يوفر دواء لمصاب ولا طعاماً لجائع ولا خيمةً لمشرد ولا رصاصةً لمجاهد ولا حتى كفناً لشهيد.
نعم يتحمل النظام العربي دوراً كبيراً ومسؤولية جسيمة لنصرة أهل الشام لم يؤده بعد، وهو أقرب إلى الخذلان منه إلى التقصير وللأسف الشديد، لكن هذا لا يعفينا من واجباتنا ومسؤولياتنا بحق أخوة اللسان والدين.
كنت الإثنين الماضي في العاصمة القطرية الدوحة، وفيها شاركت في حملة (لأجل حلب) دشنتها مؤسسة «راف للخدمات الإنسانية»، وعلى إذاعة القرآن الكريم ببرنامج «أبواب الرحمة» وخلال ساعتين فاقت حصيلة التبرعات ثمانية ملايين ريال قطري، وكانت الحملة تطرح مشروعات ويفتح الباب لمن يتبناها أو يشارك فيها. كان التفاعل مذهلاً من الجمهور والمؤسسات والشركات بما يعزز الفكرة التي صدرنا فيها المقال ألا وهي وحدة الشعور وجهوزية الأمة للعطاء.
وقبل أن أنهي كلمتي في البرنامج على الهواء مباشرة لأنطلق بعدها إلى المطار، استأذنت القائمين على البرنامج والضيوف المشاركين بالحملة بأن أختم حديثي بدعوة وجهتها للمستمعين والتي حاصلها:
إنه يجب علينا كشعوب وأمام أنهار الدماء وتبلد الحياء وتآمر الخبثاء ان نرفع صوتنا عالياً مسموعاً بدرجة أعلى يمكن ان نحدث فيها أثراً، كما حصل في مرات سابقة على سبيل المثال يوم تمت الإساءة الى نبينا عليه السلام، وكذلك عندما حصل العدوان على غزة العام 2008، حينها نجحت مسيرات ومظاهرات واعتصامات الجماهير الضخمة على امتداد الخارطة في جلب عدسات الفضائيات ووسائل الاعلام إليها، فأجبرت يومها صناع القرار في العالمين العربي والغربي على مجاملة شعور الناس، وإن بقدر ضئيل لم يشف الغليل، ولن يفوتني أن اناشد المسؤولين في دولنا العربية ألا يصادموا حق الناس في التعبير عن غضبهم وأن ييسروا لهم فضاءات الحراك الجماهيري، بل وأتمنى عليهم – إن وسعهم الضمير – أن يتقدموا الصفوف، وذلك أضعف الإيمان!!