2050 عام فارق.. لماذا وكيف ينتشر الإسلام في الغرب؟
إعداد أحمد علي حسن (الخليج أونلاين)
بدأ ثاني أكثر دين من حيث الانتشار بعد المسيحية، يجد الطريق أمامه مُعبَّداً لدخول قلوب غير المسلمين وعقولهم، فيبادلونه الدخول معلنين إسلامهم؛ لتزداد نسبتهم في العالم الغربي.
ولا يختلف الباحثون المهتمون بشؤون الإسلام والمسلمين في العالم على أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 زادت الطين بِلَّة على صعيد العنف والتحريض الممارَسَين ضد الدين الإسلامي.
لكن في المقابل، تزداد رقعة الديانة التي يدين بها نحو 1.8 مليار شخص (24% من سكان العالم) عاماً بعد آخر، وبشكل قياسي في أوروبا والأمريكتين، وفق إحصاءات تؤكدها مراكز أبحاث متخصصة.
أسباب كثيرة وسيناريوهات وأرقام وإحصاءات ارتبطت جميعها بزيادة نسب المسلمين في العالم، حتى إن التوقعات رجّحت تساوي أعداد المسلمين والمسيحيين خلال العقود الثلاثة المقبلة..
الإسلام بالأرقام
الإسلام هو الدين السائد في آسيا الوسطى، وإندونيسيا، والشرق الأوسط، وجنوبي آسيا، وشمالي أفريقيا، وبعض أجزاء أخرى من آسيا، وتضم منطقة آسيا والمحيط الهادئ أكبر عدد من المسلمين.
أما بالنسبة لأوروبا، فإن إحصاءات أجراها معهد “بيو” الأمريكي عام 2010 أوضحت أن تعداد المسلمين في دول الاتحاد الأوروبي يقدَّر بـ16 مليون مسلم، لكن تقديرات العامين الأخيرين أشارت إلى ارتفاع العدد إلى نحو 25 مليون نسمة (باستثناء روسيا).
وفي الأمريكتين الشمالية والجنوبية، يقدَّر عدد المسلمين بما يقرب من أربعة ملايين مسلم، موزَّعين كالآتي: 3.5 ملايين شخص موجودون في القسم الشمالي، معظمهم من أصل أفريقي، والبقية يتركزون في الوسط والجنوب.
وبالذهاب إلى أستراليا، نجد أن عدد المسلمين يزيد على 300 ألف، مع الإشارة إلى أنها القارة الأكثر قدرة على استيعاب مزيد منهم، كما يوجد هناك نحو خمس وخمسين جمعية إسلامية.
ولإظهار حجم زيادة أعداد المسلمين في العالم الغربي، اختار “الخليج أونلاين” أكبر 5 دول من حيث عدد السكان، وعقد مقارنة بين أعداد المسلمين الحالية وتلك المتوقعة خلال العقود القليلة المقبلة.
وأجمعت دراسات عدّة على أن عام 2050 سيكون نقطة تحوُّل في أعداد المسلمين، إذ توقَّع تقرير صادر عن معهد “بيو” للأبحاث أن عددهم في العالم سيزيد بنحو 73% بين عامي 2010 و2050.
في 2010 كان بالعالم 1.6 مليار مسلم و2.17 مليار مسيحي، لكن بالنظر إلى التغيرات الديموغرافية فإنه في عام 2050 سيكون هناك 2.76 مليار مسلم و2.92 مليار مسيحي، وإذا استمرت كلتا الديانتين في النمو بالمعدل ذاته، فسيكون عدد المسلمين أكبر.
لماذا تزداد أعداد المسلمين؟
تُرجع دراسة نشرتها صحيفة “الغارديان” البريطانية عام 2017، تزايد أعداد المسلمين إلى عدة أسباب، أبرزها أن أغلبية مسلمي أوروبا من الشباب، إضافة إلى أن نسبة إنجاب المسلمين هي الأكبر من بين جميع الطوائف الدينية الأخرى.
هذا فضلاً عن الهجرات الشرعية للدراسة والعمل وغيرها من الأسباب الأخرى. أضِف إلى ذلك انتشار الإسلام بين سكان أوروبا الأصليين، بسبب حركة الدعوة الإسلامية النشطة هناك.
ومن الملاحظ ارتباط الزيادة بعام 2010 وما بعده، وهذا يرجع إلى حركة الهجرة التي بدأت بعد أحداث “الربيع العربي”، حيث اضطرت أعداد كبيرة من المسلمين في العالم العربي إلى البحث عن بيئة اقتصادية وسياسية أكثر أمناً.
وعلى الرغم من أن سبب الهجرة هو الأهم والأكثر ارتباطاً، فإن دراسة “الغارديان” أكدت أن الزيادة ستستمر حتى لو توقَّف تدفق اللاجئين إلى دول أوروبا، وهذا بسبب العوامل السابقة.
وللنظر أكثر في الأسباب القريبة التي أدت إلى انتشار الإسلام بالغرب، استطلع “الخليج أونلاين” ملخصاً لكتاب “الإسلام.. الدين الأسرع انتشاراً وتوسعاً في العالم”، والذي ترجمه موقع “الألوكة” من اللغة الإسبانية.
وبحسب الكِتاب، فإنَّ “سبب زيادة عدد المسلمين في العالم يرجع -ليس فقط- إلى زيادة أعداد سكان الدول الإسلامية، بل إلى زيادة معتنقيه، وهذه الظاهرة زادت بشكل كبير، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر”.
ويضيف الكِتاب مستشهداً بأبحاثٍ عدة أكدت أن الزيادة ترجع إلى زيادة المتحولين إلى الإسلام: “قد جذبت هذه الأحداث (11 سبتمبر) انتباهَ الناس إلى الإسلام، خاصة في الولايات المتحدة؛ وهو ما أدى إلى تحوُّل عديد منهم إلى الدين الإسلامي”.
وهنا مثال يضربه الكِتاب، “في 20 يونيو 2004، أكدت جريدة NTV news أن الإسلام هو الدين الأكثر انتشاراً في أوروبا، متفقةً مع تقرير للوكالة الفرنسية للاستخبارات، ذكرت فيه أن عدد المتحولين إلى الإسلام في فرنسا وصل من 30 إلى 40 ألفاً”.
سيناريوهات العقود الثلاثة المقبلة
حسب معهد “بيو”، فإن ارتفاع عدد المسلمين بأوروبا، في العقود القادمة، يستند إلى ثلاثة نماذج مختلفة: الأول ينطلق من احتمالية وقف أي عملية دخول للمهاجرين إلى الدول الأوروبية.
وفي هذا النموذج يُتوقع ارتفاع نسبة المسلمين من 5% إلى 7.5% بحدود عام 2050، وتفسير ذلك يعود إلى طبيعة الجالية المسلمة في أوروبا، لكونها جالية “شابة” مقارنة ببقية سكان أوروبا، كما أن معدل مواليد المسلمين مرتفع.
أما النموذج الثاني، فينطلق من احتمالية وقفٍ تامٍّ لعملية استقبال اللاجئين، لكن مع استمرار العمل بالهجرة الاعتيادية للطلاب والباحثين عن العمل وأُسر المهاجرين، فيتوقع نمواً في نسبة المسلمين يصل إلى 11.2% مع حلول 2050.
وفي النموذج الثالث الذي يعتمد على استمرار وصول المهاجرين بالوتيرة ذاتها، تتوقع دراسة معهد “بيو” ارتفاعاً إلى حدود 14% مع مجيء العام المذكور سابقاً.
(المصدر: الخليج أونلاين)