
﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة( خاص بالمنتدى)
قال تعالی: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ﴾ وقال ﷺ: {عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيْرًا لهُ وَإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا لهُ} أيّها القابضون على الجمر في زمن التّحدي! إنّ مثل الابتلاء الذي يعيشه شعب فلسطين المرابط في الثّغر في موطن المحشر والمنشر في هذا العصر: مثل عابر سبيل عمّا قليل سيرتحل بإذن اللّه عزّ وجلّ! ولو اطّلع الواحد منّا على الغيب لاختار الواقع لأنّ ما قدّره اللّه تبارك وتعالی وقضاه حتم واقع ليس له دافع! وأقسم باللّه ﷻ غير حانث: إنّ الخيرة فيما اختاره ربّنا لكلّ منّا هو مولانا أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ومنه لن ولم ولا نقطع رجاءنا! وما دام ذلك كذلك: فلنصبر إذا ما ربّنا جلّ وعلا قدّر وابتلانا! ولنشكر إذا ما أعطانا! ولنستغفر إذا ما الشّيطان أنسانا وأغوانا! ولولا الابتلاء أيّها الإخوة المسلمون الأعزّاء -نسأل اللّه فاطر الأرض والسّماء المعافاة- لوردنا يوم الحشر في العرض الأكبر فقراء من الحسنات لأنّ بضاعة كثير منّا من الخيرات مزجاة! وهذه الحياة الدّنيا -معشر المؤمنين والمؤمنات- لا تدوم على حال! ودوام الحال -واللّه- من المحال ولقد صدق من قال: ((ضاقت فلمّا استحكمت حلقاتها : فرجت وكنت أظنّها لا تفرج))! وإنّه لا خير فينا واللّه أحبّتي في اللّه إن يئسنا من رحمة اللّه! وقد سئل الإمام الشّافعيّ: ما هو الأفضل للمسلمين الابتلاء أم التّمكين؟ فأجاب رحمه اللّه: (لا يتمّ التّمكين إلا بعد البلاء المبين)! أيّها الإخوة الصّابرون المحتسبون! لقد ابتلى اللّه تعالی يوسف ﷺ بالإلقاء في غيابات البئر ثمّ أصبح بعد الابتلاء سيّد القصر بل وحاكم مصر! وحين رجع النّبيّ موسى ﷺ من مدين بعد مدّة من الزّمان -وإذا صحّ التّعبير من المنفی- أكرمه اللّه ﷻ بمعجزات أهمّها العصا التي أصبحت حيّة تسعى! ثمّ كانت الغلبة له ولأخيه -هارون- علی فرعون وهامان وقارون! وابتلى اللّه ﷻ نبيّه يونس ذا النّون ﷺ وفرّج اللّه عنه وتاب على يديه من قومه مائة ألف أو يزيدون! وقد قالت مريم البتول وهي من خيرة نساء الأنام عليها السّلام حين جاءها المخاض في بيت المقدس من خيرة بلاد الشّام: ﴿يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا﴾ فأكرمها اللّه تعالی بعيسى ﷺ صدّيقًا نبيّا! كذلك رجع رسول اللّه -محمّد- ﷺ سيّد البشر والقائد المظفّر من المهجر فاتحًا مكّة المكرّمة طائفًا بالكعبة المشرّفة مستلمًا الحجر! ثمّ نشر أصحابه الكرام السّادة الميامين الأعلام شريعة الإسلام في بلاد العرب والعجم والبربر! ولا جرم أخي المصابر المسلم المحترم أنّه لولا الصّبر الجميل على المصائب والبلاء لما امتاز الفضلاء عن السّفهاء والسّعداء عن الأشقياء والعلماء عن الجهلاء! فتفاءلوا بالخيرات تجدوها أيّها الإخوة المباركون المصابرون يقول اللّه عزّ وجلّ: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ وخلاصة الكلام في الختام أيّها المؤمنون الكرام: إنّ العطايا في البلايا.. والمنح في المحن.. وفي الكربات كرامات.. فطوبی لكلّ الدّعاة والدّاعيات: خاصّة بهذه الأوقات العصيبات!
إقرأ أيضا: بيان علماء من الأمّة حول الإبادة الصهيونيّة المستمرّة والمتصاعدة في قطاع غزّة