مقالاتمقالات مختارة

‏كشمير.. كيف وضعوا رقبة باكستان بيد عدوها الهند

‏كشمير.. كيف وضعوا رقبة باكستان بيد عدوها الهند

بقلم أحمد زيدان

وصف مؤسس باكستان محمد علي جناح كشمير بـ عنق باكستان، كونها تتحكم بالأنهار الخمسة التي تنبع منها وتجري بالأراضي الباكستانية، فسميت أكبر أقاليمها الخمس البنجاب بالأنهر الخمسة، فكان أن تم تسليم الأمن المائي الباكستاني وكل ما يتعلق به للعدوة التقليدية الهند، وتدخل البنك الدولي ومؤسسات دولية ضخمة ومعروفة من أجل رعاية الاتفاقيات المائية بين الدولتين، والبعد المائي مهم وخطير ينبغي أن يضاف إلى الأبعاد المهمة الأخرى لفهم حقيقة وجذور الصراع في كشمير.

‏وهنا لا بد من العودة إلى جذور الأزمة الكشميرية التي بدأت مع بدء رحيل الاستعمار الإنجليزي الذي جثم على صدر شبه القارة الهندية أكثر من قرنين من الزمن، فكان الرحيل عام 1947، وكالعادة فحين قرر الانسحاب أبقى على قنابل موقوته، فكان ميلاد القضية الكشميرية في نفس عام ميلاد نكبة فلسطين ومشكلتها، فرحل الاستعمار الانجليزي، وتم تقسيم المنطقة على أساس إيديولوجي عقدي، ولكن استأثرت الهند بالصين على أساس أن حاكمها السيخي الأصل باعها بآلاف من الجنيهات للحكومة الهندية، ليشكل سابقة خطيرة في التاريخ الإنساني ببيع أرض، وبيع من لا يملك إلى من لا يستحق.

‏كانت الدولة الباكستانية الوليدة عاجزة عن الوقوف بوجه الاستعمار البريطاني وبوجه الهندوس الذين خرجوا من الانفصال كطرف قوي مالياً وبيروقراطياً بالإضافة إلى علاقات دولية ورثها من الاحتلال البريطاني، بعد أن ورث الهندوس كل ما كان للاستعمار البريطاني، أما القبائل البشتونية فلم ترض بالواقع، وشنت هجماتها المسلحة مدعومة ببعض الضباط في الخدمة الباكستانية، واستطاعت هذه القبائل الوصول إلى كشمير وتحرير ثلثها على الأقل وهي الأرض التي تحت سيطرة باكستان اليوم، ولكن كالعادة تم المسارعة إلى وقف إطلاق النار، فاحتفظت الهند بثلثي ما تبقى من كشمير ونالت الصين نصيباً منها كون المنطقة تتشاطرها ثلاث دول هي باكستان والهند والصين، وظل الثلث المحرر حديثاً تحت سيطرة الدولة الباكستانية الوليدة.

‏كان القرار الأممي ينص على إجراء استفتاء عام بين الكشميريين لمعرفة رأيهم إن كانوا يريدون الانضمام إلى باكستان أم إلى الهند، وقبلت الأولى بذلك على مضض، ولكن كالعادة فالقرارت الدولية غير قابلة للتطبيق فكيف إن كان ذلك يخص كشمير أو فلسطين أو سوريا اليوم، وظلت هذه القرارات حبراً على الورق ما دامت القوة هي القانون المتعامل به دولياً؟!

‏وفي عام 1965 اندلعت حرب بين البلدين بسبب كشمير تسببت في قتل عشرات الآلاف من الطرفين، فضلاً عن دمار وخراب في مناطق الطرفين، واستطاع الجيش الهندي الاقتراب من لاهور العاصمة الثقافية لباكستان وكاد أن يهددها لولا بروز بعض الفدائيين من الجيش الباكستاني الذين ارتدوا أحزمة ناسفة وقعدوا للدبابات الهندية الهجومية فكانت مجزرة بحق ضد الدبابات، فصد الهجوم، وتم إحباطه في مهده.

‏تميّز المشهد الكشميري خلال هذه الفترة ببروز الأحزاب والجماعات الوطنية القريبة من باكستان، ولكنها بنفس الوقت حملت الهوية الكشميرية التي ترى نفسها أقرب إلى وسط آسيا، وظلت هذه الأحزاب وعلى رأسها أمان الله المقيم في باكستان، وقادة آخرين واستمر الحال على هذا النهج إلى ما بعد الجهاد الأفغاني حيث سيطر على المشهد الأحزاب الجهادية، وتلك مرحلة أخرى لا بد من البحث فيها، في مدونة منفردة .

‏لكن قبل الحديث عن الأحزاب الجهادية الكشميرية لا بد من التطرق إلى فترة ما بعد حرب عام 1965، إذ أنه ومع اندلاع الحرب بين الباكستان والقوميين البنغال الذين كانوا قد غضبوا من ساسة باكستان وتحديداً حزب الشعب الباكستاني بزعامة ذو الفقار علي بوتو والذي تحالف مع قائد الجيش حينها يحي خان من أجل إبعاد البنغاليين عن السلطة على الرغم من فوز زعيمهم يومها مجيب الرحمن بالانتخابات، سقط خلالها عشرات الآلاف من القتلى وخلفت جروحاً غائرة بين الشعبين المسلمين استغلها الهنود مباشرة، ودفع الكشميريون ثمن حروب الآخرين، بتراجع اهتمام باكستان بقضيتهم وانشغالها بجبهة أخرى، فوقفت الهند إلى جانب القوميين البنغال ضد الباكستانيين، فأسفر ذلك عن أسر حوالي تسعين ألف جندي باكستاني، لتُرغم باكستان حينها على توقيع اتفاق شيملا والذي كان من ضمن ما ينص عليه أن تحل القضية الكشميرية ثنائياً بين الدولتين وهو ما جرّد باكستان من أي غطاء دولي أو قرارات أممية بحق القضية الكشميرية.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى