مقالاتمقالات المنتدى

‏ركائز الربانية (١)

‏ركائز الربانية (١)

 

بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)

 

الحمد لله وحده، قال وقوله الحق: “كونوا ربانيين”، وصلى الله على النبي محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا،
أما بعد

فإن الربانية درة مفقودة، وغاية منشودة، وهي تقوم تفصيلا على ركائز عشرة، بيانها باختصار فيما يلي:

‏١-إيمان كإيمان الصحابة والسلف:

قال تعالى:”فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا” فالعقيدة الربانية هي أول ما يدعى إليه الناس ليتحرروا من عبادة العبيد إلى عبادة الرب المجيد.

وهي عقيدة شاملة فاعلة، تعنى بعبادة القلب والقالب،

وكما تعنى العقيدة الربانية باستقامة الظاهر وإخلاص الباطن، فإنها تملأ القلب يقينا وثباتا، وتوكلا وتسليما،قال تعالى:”فتوكل على الله إنك على الحق المبين”

وتورث أهلها جهادا وعزة واستعلاء!

قال تعالى:”من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه”وقال:”ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون”

‏٢- عبادة ربانية:

‏احتفاءً بالفرائض، واحتفالا بالنوافل، إذ أسُّ الربانية عبادة رب البرية، والتقرب إليه بالشعائر التعبدية، إخلاصا لله واتباعا لرسول الله، ومسارعة ومسابقة في طاعة الله، وجدّا واجتهادا بالليل والنهار، مع الدوام والاستمرار، ومشاركة في كل باب من الخير بسهم، ودخولا في السلم كافة.

وحرصا على تدارك ما فات من نوافل العبادات، وحذرا من التفريط في الطاعات، والانقطاع عن الصالحات، ورجاءً في القبول، وخوفا من الرد، واستغفارا من التقصير، وسؤالا للإعانة على الذكر والشكر وحسن العبادة، ورغبة إلى الله في البلاغ إلى الطاعة الآتية،في عفوٍ وعافية، وحذرٍ من الأمن من مكر الله.

‏٣- موافقة القول للعمل، والظاهر للباطن:

فالربانية استقامة على أمر الله، قال تعالى:”فاستقم كما أمرت”

والربانية: انسجام تام بين الفعل والكلام.

قال سبحانه:”وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه”

ومن لم ينفعك لحظه لم ينفعك وعظه!

والرباني يتحرز مما لا يتحرز منه غيره،لأنه في موضع القدوة.

والرباني القدوة ينتفع به موافقه في الدين والسنة، ومخالفه فيهما على حد سواء!

وما ذاك إلا لأن مقاله ترجم عنه حاله، وحاله ظاهر في مقاله وفعاله!

فقوله وعمله وحاله قد بلغت في الحسن غاية، وأوفت على النهاية.

وأولى الناس بالربانية رسل الله، قال تعالى:” أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده”

‏٤-تقديم وتعظيم أعمال القلوب:

أعمال القلوب من الإخلاص والتوحيد، والتقوى واليقين، والتأليه لله والتعظيم، والانقياد والتسليم، والمحبة والتذلل، والصبر والاستعانة، والتوبة والإنابة، والرغبة والرهبة، والخشوع والخضوع، والرضا والتوكل-هي من أصل الدين، وأساس الإيمان، وعنها تصدر طاعات الأبدان!

وبالجملة؛ فإن عبادات القلوب هي جوهر كل خير، وعنها يصدر كل بر!

فهي أفرض على العبد من أعمال الجوارح، وهي تسبق أعمال الجوارح، فعبودية القلب أعظم وأدوم وألزم، والثواب عليها وبها أفضل وأكمل، وإنما تتعاظم أجور الأعمال بحسب ما يقوم بالقلوب من أحوال!

وموبقات ومعاصي القلوب أخطر الأدواء والذنوب!

ولا نجاة غدا إلا لمن أتى الله بقلب سليم، وذلك يوم لا ينفع مال ولا بنون!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى