مقالاتمقالات مختارة

يهودي إسرائيلي يعمل داعية إسلاميًّا.. أفيخاي أدرعي

بقلم زينب محمود

يهودي إسرائيلي يعمل داعية إسلاميًّا.. أفيخاي أدرعي

اعتاد أكثر من مليون متابع على مواقع التواصل الاجتماعي على تلقي منشور تهنئة في الأعياد والمناسبات الخاصة بالمسلمين من أفيخاي أدرعي، ولم يتوقف الأمر عند هذا، بل تطور حتى صار ينشر آيات من القرآن الكريم، ويشرح لنا كيف أن حماس وبعض المسلمين لا يفهمون الإسلام فهمًا صحيحًا.

هل سيترك أفيخاي وظيفته متحدثًا رسميًّا للإعلام العربي باسم الكيان الصهيوني، ويصير داعية إسلاميًّا يعظنا بديننا؟

قبل حرب تموز (يوليو) 2006 ميلاديًّا في لبنان، كان كل ما لدي بذاكرتي ودهاليز عقلي عن صورة الإسرائيليين المحتلين لفلسطين هو الجنود وهم مدججون بأسلحتهم، يقتلون طفلًا في حضن أبيه «محمد الدرة»، ويدفعون النساءـ ويهدمون البيوت بجرافاتهم، ويبنون على أرضها مستوطنات يدعون شرعيتها، بعد طرد أهلها، وغيرها الكثير من الأشياء التي لم يستطع أحد أن يسبقهم فيها، حتى كان العدوان على لبنان من قبل الكيان المحتل، ليصدر لنا بعد ذلك جنودًا ولكنهم هذه المرة مدججون بكلمات يحاولون بها غسل الدماء التي تتلطخ بها أيديهم، ويظهر لأول مرة المتحدث الرسمي لجيش الاحتلال الصهيوني بزي العسكرية، يحدثنا بلغتنا على شاشتنا الإخبارية العربية، والتي كانت من أهمها قناة الجزيرة.

الكلمات أقوى من الرصاص

فبكلمة واحدة أبيدت مدينة هيروشيما باليابان، بواسطة قنبلة نووية، ما زال أثر تلك الكلمة موجودًا حتى يومنا هذا، كلمات قد تبني، وقد تهدم، وترجع حقًا، وتمحي ظلمًا، أو تتلاعب بالعقول بسفاهة ناطقيها، هكذا يفعل الرائد أفيخاي أدرعي البالغ من العمر 34 عامًا، يهودي إسرائيلي، ثاني متحدث رسمي يشغل هذا المنصب باللغة العربية للكيان الصهيوني، من أصول عربية لجدين عراقيين، درس اللغة العربية، وتمكن منها؛ فقد تخرج من ثانوية «هاريئالي» في حيفا بتخصص اللغة العربية والكمبيوتر، ليلتحق بعد الجامعة بالخدمة العسكرية، ثم يترأس قسم الإعلام العربي قبل حرب تموز بعام فقط.

لماذا لا يتحدث عن ديانته اليهودية ويخبرنا عنها؟!

بعد أن أستطاع جذب حوالي أكثر من مليون متابع له على الفيس بوك، ليس حبًا فيه أو فيما ينشر، وإنما لتنفيس بعض الغضب الكامن بداخلهم تجاه كيان الاحتلال عن طريق التعليقات، لم يتأثر بها، وكأنه مصنوع من حجارة، لا حياء، ولا كرامة، بل تطور الأمر حتى صار يكتب منشورات دينية يشرح بها كيف يكون دين الإسلام المتسامح، ليرد عليه أحد المتابعين طالبًا منه التحدث عن دينه بدلًا من محاولاته الفاشلة في غسل عقول بعض العرب، الذين غيبت عنهم القضية وضاعوا وسط مشاكل أوطانهم الداخلية.

الشيطان يعظ

كنت أسمع هذا الجملة كثيرًا، لكن فاجأني أفيخاي حينما ارتدى هذه الجملة فصارت تناسبه أكثر من الشيطان نفسه، فهو يجلس في مكتبه المكيف، حول جيش الاحتلال الذي يرسل جنوده لقتل الأطفال الأبرياء في المظاهرات السلمية، وفي الشوارع، وأشهر تلك الوقائع اعتقال الطفلة عهد التميمي، ثم يقصفونهم بالطائرات، ولا ينتهون إلا بعد هدم منازلهم لمجرد أن أخاه أو أباه مقاوم أو شهيد حارب احتلالهم، لينشر صورًا لأطفال يحملون سلاحًا يتهم حماس بتعليم الأطفال الإرهاب، متناسيًا أطفال المستوطنات الذين تدربهم منظمات متخصصة على الأسلحة وحملها، أي إرهاب يعظنا به، وأين تلك الطفولة التي قتلوها وشردوها ودمروا الحلم بداخلها حتى قبل أن يولد.

بالون هواء

يجزم الكثيرون بالفريق المتخصص الذي يعمل على صفحة أفيخاي ويدعمها، خاصة أن الأمر يشبه فرق المستعربين، وهي الوحدة التي أنشأها الكيان الصهيوني للإيقاع بالمقاومين الفلسطينيين، فهم يتحدثون العربية، واللهجة الفلسطينية خاصة، بطلاقة، ويرتدون ثيابًا تشبههم، ويخفون وجوههم بالكوفية، وهناك مقال مفصل عن تاريخهم وأعمالهم القذرة، قد استعرضها من قبل الأستاذ هيثم قطب في مقاله، لينشر لنا صورًا للجيش الذي قهر أمام مدينة صغيرة تدعى غزة، ليس بها إمكانيات، ومحاصرة منذ أعوام، لِمَ لا يخبرنا أفيخاي يومًا عن الأسباب التي منعت هذا الجيش من التمكن والتحكم في مثل هذا القطاع في ثلاث حروب قتل فيها الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء، بالرغم من الأسلحة المتطورة، والتدريبات العظيمة التي يعرضها علينا أفيخاي.

سؤال أخير

متى سيتوقف الكيان عن لعب دور الضحية؟ قد يفيد مع الدول الغربية، ولكننا نعلم أكاذيبهم جيدًا؛ فأقنعتهم المزيفة ملطخة بدمائنا منذ عام 1948.

(المصدر: ساسة بوست)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى