يسيئون خلالها للإسلام ونبيه ومقدساته.. تاريخ “مسيرة الأعلام” في القدس وأسباب حرص المستوطنين على تنظيمها
إعداد أسيل الجندي
يحتفل الإسرائيليون بيوم “توحيد القدس” الذي يعدّونه “عيدا وطنيا” لإحياء ذكرى استكمال سيطرة إسرائيل على مدينة القدس، واحتلال الجزء الشرقي منها، وعلى وجه الخصوص البلدة القديمة، وذلك خلال حرب يوينو/حزيران عام 1967.
ويُحدد الاحتفال بهذه المناسبة حسب التقويم العبري في 28 من الشهر الثامن من السنة العبرية.
وتُعدّ “مسيرة رقصة الأعلام” الاحتفالية الأبرز في هذا اليوم، وتنطلق سنويا من مكان التجمع المتفق عليه غربي القدس بعد تجمع المشاركين الذين قد يبلغ عددهم نحو 30 ألف مشارك.
وتنطلق المسيرة عبر الشارع رقم (1) وتمر من بابين من أبواب القدس القديمة هما باب الخليل والجديد، ثم تصل إلى باب العامود حيث تواجه المسيرة احتجاجات فلسطينية رغم كل الحواجز التي تنصبها الشرطة في محيط الباب.
وهناك يصرّ المقدسيون على التجمع والجلوس على المدرج للتصدي للمسيرة التي تُرفع فيها الأعلام الإسرائيلية بصورة استفزازية مع ترديد للنشيد الوطني “هاتيكفاه” وشعارات معادية للعرب والمسلمين.
يكمل المستوطنون مسيرتهم من باب العامود نحو ساحة البراق مارّين بالحي الإسلامي، ويحرصون على إلحاق الأضرار بالمحال التجارية وممتلكات المقدسيين والاعتداء على من يجدونه في طريقهم.
وتُنظّم هذه المسيرة احتفالية لذكرى المستوطن المتطرف يهودا حزاني الذي توفي عام 1992 وكان المبادر والمنظم الأول والرئيس لها على مدار سنوات طويلة، كما كان أحد مؤسسي جماعة “غوش إيمونيم” الاستيطانية، وعدد من المستوطنات في الضفة الغربية.
تبجيل الهيكل المزعوم
ويشارك في المسيرة أتباع التيار القومي الديني، ممن يشكلون النواة الأساسية لحركة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة ومحيط القدس المحتلة، لذلك تتضمن المسيرة سنويا هتافات مبجلة للقدس و”الهيكل” فضلا عن الهتافات والكلمات البذيئة المسيئة للإسلام وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص قال إن الاحتفاء بهذه المناسبة كان يأخذ من عام 1968 حتى عام 2000 شكل الاستعراض على صعيد دولة الاحتلال بتنظيم عروض عسكرية يطلقون فيها تحية لقتلاهم الذين سقطوا في المعارك، وباستعراض إنجازات الدولة.
ولكن بعد عام 2000 بدأت الاحتفالات تأخذ شكل الاستعراض الشعبي “للغلبة اليهودية الهوياتية في القدس”، فأصبح من أحد أساسياتها أن تجوب البلدة القديمة، وتتعمد دخول المستوطنين المشاركين من أبواب العامود والساهرة والأسباط التي تؤدي إلى الأحياء الإسلامية، مع محاولة لتكريس باب العامود كمدخل أساسي للمسيرة.
والخطر تضاعف، وفقا للباحث المقيم في الأردن، مع محاولة المتطرفين إضفاء بعد جديد على الاحتفال بالدعوة لتنفيذ اقتحام جماعي للمسجد الأقصى عام 2019 والعام الجاري الذي وافق 28 رمضان رغم أن هذ العيد يصنف عيدا وطنيا لا دينيا.
ويرى الباحث أن تعمّد المتطرفين إضفاء البعد الجديد جاء “ليقولوا إننا نؤدي طقوسنا وصلواتنا فيه ونعلن سيادتنا الدينية عليه، ومن هنا كانت انطلاقة الحرب الأخيرة في ظل محاولة ممارسة إحلال ديني انطلاقا من الأقصى، واتخاذ يوم القدس كذروة لهذا الإحلال الديني بالقول إن هذا المسجد مقدس يهودي لا إسلامي”.
تعويض للانكسار
ووضعت طريقة الاحتفال الجديدة جماعات المعبد المتطرفة في مأزق لأنها انكسرت هذا العام ولم تنجح في تنظيم احتفالاتها بهذا اليوم وما سبقه وما لحقه، وفي ظل عدم قدرة الأحزاب اليمينية على ابتلاع هذا التراجع لجأت أول مرة إلى إعلان تنظيم مسيرة “تعويضية” وفقا للتاريخ الميلادي الذي لا يسيرون وفقه بتاتا.
وإعلان تنظيم المسيرة التعويضية يوم الخميس المقبل قوبل برفض المفتش العام للشرطة وإلغائها، ويرجع السبب في ذلك وفقا لابحيص “لأنه فُتح أمامهم الآن باب لمواجهة جديدة، فهناك ميزان قوى جديد إن لم يعترفوا به سيصطدمون به كل مرة وسيُشرع الباب لانكسارهم مرة تلو الأخرى”.
وختم حديثه للجزيرة نت بقوله إن الشرطة الإسرائيلية مدفوعة بما واجهته من قوة على جبهة غزة ورباط في القدس والداخل الفلسطيني منع المستوطنين من تنظيم المسيرة، وهذا أدى إلى إحداث حالة من النزاع الداخلي لأن اليمين الإسرائيلي يريد استعراض موقف السيطرة الهوياتية المطلقة نفسه في القدس، والدولة معنية بمنعه الآن لأنها أصبحت متضررة من استعراض هذا الموقف بصورة عملية وبالتجربة.
يشار إلى أن 35 ألف مقدسي يعيشون داخل أسوار البلدة القديمة يتأثرون بوجه مباشر بمسيرة “رقصة الأعلام”، حيث تمنعهم الشرطة من التحرك من منازلهم وإليها ويعتدي المستوطنون عليهم بمجرد الاقتراب من السواتر الحديدية والحواجز المنصوبة حول البلدة القديمة، وذلك يؤدي إلى اندلاع مواجهات سنويا.