يستهدف فلسطينيي المدن الساحلية.. “لافي” تنظيم إرهابي يهودي تحت أنظار الشرطة الإسرائيلية
إعداد محمد وتد
في الوقت الذي صعّدت فيه المؤسسة الإسرائيلية الرسمية من إجراءات التضييق على المواطنين العرب في المدن الساحلية، ومواصلة ملاحقتهم والانتقام منهم لدورهم في ما عرف بـ”هبّة الكرامة” مطلع الصيف الماضي، كشف في إسرائيل النقاب عن تنظيم إرهابي يهودي جديد خطط لتنفيذ اعتداءات على فلسطينيي 1948، بخاصة في مدينتي اللد والرملة.
وينحدر أعضاء التنظيم الإرهابي اليهودي، الذي شرع في تشكيله خلال هبّة الكرامة في مايو/أيار الماضي والعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، من المستوطنين، وناشطين من الصهيونية الدينية ومن حركة “كهانا” المحظورة وحزب “العظمة اليهودية” بقيادة عضو الكنيست إيتمار بن غفير.
وخلال العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، والتنكيل بالفلسطينيين في القدس والمسجد الأقصى وحصار حي الشيخ جراح، نفذت مجموعات من المستوطنين اعتداءات على الفلسطينيين في الداخل خاصة بالمدن الساحلية، عكا وحيفا ويافا واللد والرملة التي يقطنها أكثر من 130 ألف فلسطيني.
ووفقا لتقرير القناة 13 الإسرائيلية، فقد خطط التنظيم الإرهابي الجديد الذي أطلق عليه اسم “لافي” (الأسد) لتنفيذ هجمات إرهابية على المواطنين العرب في اللد والرملة خلال مسيرة الأعلام الاستفزازية للمستوطنين التي نظمت مطلع الأسبوع الماضي في مدينة اللد.
وانطلقت تدريبات التنظيم اليهودي في أغسطس/آب الماضي، في مقارّ وقاعات مغلقة بمدينة الرملة، علما أن التنظيم الإرهابي الجديد يشرف عليه ويقوده أحد أعضاء حزب “العظمة اليهودية” في الرملة، يدعى رونين يسرائيلي، وزعيم تنظيم “لهافا” العنصري الحاخام بنتسي عوبشتاين الذي ينشط لحماية “بنات شعب إسرائيل”، وإنقاذ من تزوجن منهن بشبان فلسطينيين.
وقام التنظيم الإرهابي الجديد بتأجيل الاعتداءات على العرب بعد الكشف عن مخططاتهم الإرهابية، وتوجه إلى القناة 13 للشرطة الإسرائيلية للحصول على تعقيبها، حيث لم تحرك الشرطة ساكنا، واكتفت بالحديث إلى قياديين في التنظيم الإرهابي ممن يسكنون الرملة، وتحذيرهم دون إخضاعهم للتحقيق أو فتح ملفات جنائية ضدهم رغم وجود أدلة دامغة على مخططاتهم الإرهابية.
إرهاب وتهجير
وبرأي عضو بلدية اللد محمد أبو شريقي فإن موقف الشرطة الإسرائيلية وامتناعها عن تنفيذ أي إجراءات ضد أفراد التنظيم الإرهابي الجديد يعكس “الدلائل التي تشير إلى أن مسلسل اعتداءات المستوطنين على العرب يتم بغطاء رسمي وحماية أذرع الأمن الإسرائيلية، وتواطؤ هذه الأجهزة وسلطات إنفاذ القانون مع المستوطنين وتقاعسها في توفير الحماية للمواطنين العرب”.
وأوضح أبو شريقي للجزيرة نت أن كشف الإعلام الإسرائيلي عن تنظيم إرهابي جديد يخطط لاستهداف الفلسطينيين بالداخل ليس بالأمر المفاجئ والمستغرب، كونه خلال هبة الكرامة تجلّت ملامح الإرهاب اليهودي باستشهاد الشاب موسى حسونة (31 عاما) برصاص المستوطنين الذين تمت تبرئتهم بذريعة أنهم أطلقوا الرصاص دفاعا عن النفس.
ويعتقد أبو شريقي أن هبّة الكرامة كانت محطة مفصلية في العلاقات بين المواطنين العرب وأذرع المؤسسة الإسرائيلية التي استقدمت المستوطنين من الضفة الغربية خصيصا لتنفيذ مخططات مبيّته هدفها ترهيب وترويع السكان العرب بالمدن الساحلية، ودفعهم إلى الهجرة القسرية.
اعتداءات وتهديدات
وإزاء هذا التحول والتطورات، لا يستبعد عضو بلدية اللد إمكانية أن تتجدد الاعتداءات اليهودية المنظمة على العرب بالمدن الساحلية على وجه الخصوص، مشيرا إلى أن المواطنين العرب لا يثقون بالشرطة الإسرائيلية التي توفر الحماية للمستوطنين وللعصابات الإرهابية التي تحصل على ميزانيات ودعم مالي من الحكومة الإسرائيلية.
وردا على سؤال عن استعدادات المواطنين العرب بالمدن الساحلية لحماية أنفسهم من اعتداءات المستوطنين والتنظيم الإرهابي اليهودي الجديد، أجاب عضو بلدية اللد بالقول “نعيش صراع وجود، وعليه نعرف كيف سندافع عن وجودنا وأنفسنا”.
وأشار إلى أن الهبّة الشعبية في اللد والرملة والحراك الجماهيري والمواجهة الشعبية لقطعان المستوطنين بمنزلة صمام الأمان للصمود والبقاء، مؤكدا أن الجماهير الفلسطينية لن تلتزم الصمت حيال استفزازات المستوطنين وتهديداتهم.
معركة ومجزرة
بدوره، قال عضو اللجنة الشعبية للدفاع عن أهالي اللد، المحامي خالد زبارقة، إن الكشف الإعلامي عن التنظيم الإرهابي اليهودي الجديد هو بمنزلة إقرار رسمي بشأن الحالة السائدة التي يعيشها المجتمع العربي الفلسطيني بالداخل، خصوصا السكان العرب في المدن الساحلية الذين يخوضون معركة وجودية وصراع بقاء حدّدت ملامحه وتفاصليه هبّة الكرامة.
وأكد زبارقة للجزيرة نت أن الأحداث التي يعيشها السكان العرب بالمدن الساحلية وخاصة باللد منذ هبة الكرامة توحي بوجود شعور وقناعات لديهم أن العرب في اللد على وشك أن يتعرضوا لمجزرة.
ويجزم عضو اللجنة الشعبية أن هذه المشاعر تعززت بعد تبرئة المستوطنين قتلة الشهيد موسى حسونة (31 عاما) وملاحقة عائلته وتجريمها، ومحاكمة نحو ألف شاب من اللد والرملة ويافا بتهم الاعتداء على اليهود، وشيطنة العرب والتحريض المتواصل ضدهم الذي يتم بغطاء حكومي رسمي.
وحدة وحماية
وأوضح عضو اللجنة الشعبية في اللد أن الكشف عن نشاط التنظيم الإرهابي اليهودي الجديد تزامن مع تصاعد الخطاب الإسرائيلي الرسمي الذي يحذر من إمكانية اندلاع المواجهات بالداخل بين فلسطينيي 48 واليهود خاصة بالمدن الساحلية المختلطة، والتحذيرات الأمنية الإسرائيلية من سيناريو حدوث اضطرابات في البلدات العربية بالداخل عند اندلاع حرب مستقبلية.
ويعتقد زبارقة أن كل المؤشرات تشير إلى أن الوجود العربي بالمدن الساحلية مستهدف من قبل المستوطنين، بدعم رسمي من الشرطة وسلطات إنفاذ القانون.
وشدد على ضرورة وحدة الصف على مستوى القيادات ومختلف الأطر والقوى السياسية والوطنية لمواجهة إرهاب المستوطنين وترتيب نظم حماية للفلسطينيين بالداخل، مشيرا إلى أن إرهاب المستوطنين يستهدف فلسطينيي 48 بأسرهم وليس من يقطنون المدن الساحلية.
عنصرية وكراهية
وعلى الصعيد السياسي، طالبت القائمة المشتركة وزير القضاء جدعون ساعر بإخراج منظمة “لهافا” اليهودية من القانون، وتصنيفها منظمة إرهابية، ومعاقبة الفاعلين فيها تفاديا لعمليات إرهابية ضد الفلسطينيين بالداخل.
وتقدم رئيس القائمة المشتركة النائب عن التجمع الوطني، سامي أبو شحادة، أهالي المدن الساحلية بالاحتجاج الشعبي أمام المسجد العمري الكبير في اللد، تصدّيا لمسيرة المستوطنين في مدينتي اللد والرملة، التي أتت تزامنا مع بث تقرير تلفزيوني وثق تحضيرات تنظيم إرهابي يهودي جديد يستهدف على نحو خاص الفلسطينيين بالمدن الساحلية المختلطة.
وقال أبو شحادة -في تصريح صحفي تلقت الجزيرة نت نسخة عنه- إن “الممارسات والمسيرات الاستفزازية للمستوطنين ما هي إلا دليل دامغ على العقلية الإرهابية لهؤلاء الأوباش في استهداف كل ما هو عربي وبالذات بمدن الساحل الفلسطيني التاريخية المستهدفة منذ النكبة حتى اليوم”.
وأوضح أبو شحادة أن “الأوباش لم تشبع غريزتهم الإرهابية مما اقترفته أيديهم في أحداث مايو/أيار الماضي خلال هبّة الكرامة من اعتداءات واستهداف للبيوت والمساجد وقتل الشهيد موسى حسونة، وما زالوا يبحثون عن مزيد من العنف والاستفزاز والكراهية”.
وحمّل أبو شحادة رئيس بلدية اللد المحرض العنصري يائير رفيفو، ومن يشدّ على يديه ويدعمه في حكومة نفتالي بينيت وأوساط اليمين مسؤولية كل نتائج وإسقاطات الاعتداءات الإرهابية على العرب والتحريض المستمر على القيادات العربية الوطنية والدينية.