مقالاتمقالات المنتدى

وَداعاً عَلّامَة مِصر مُجَدّد العَصر!

وَداعاً عَلّامَة مِصر مُجَدّد العَصر!

 

بِقَلم: أ.د.محمّد حافِظ الشّريدة (خاص بالمنتدى)

 

الحمدُ للّهِ رَبّ العالَمين القائل: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ وَالصّلاة وَالسّلام على خَير النّبيّين القائل: {العُلَماءُ وَرَثَةُ الأنبِياءِ} وَبَعدُ:

فَقد فُجِعَت الأمّة الإسلاميّة بِفَقد الإمامِ العَلّامَة الدّاعية يوسف القَرضاوي رَحمه اللّهُ وَأسكنه فَسيح جنّاته!

وَقد شهدنا أخيراً تَسارعاً في رَحيل العُلماء الرّبانيّين العامِلين وَكأنّ السّماء بَدأت تَستَعيد نُجومها! قالَ رسولُ اللّهِ ﷺ: {النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ ما تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي ما يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتي ما يُوعَدُونَ}

وَقال عَليه الصّلاة وَالسّلام: {إنّ اللّهَ لا يَقبِضُ العِلمَ انتِزاعاً يَنتزِعُهُ مِن صُدورِ العِبادِ وَلكن يَقبضُ العِلمَ بِقَبضِ العُلماءِ}

وَقال عُمر رَضي اللّهُ عَنه: (مَوتُ ألفِ عابدٍ أهوَن مِن مَوت عالمٍ بَصيرٍ بِحَلالِ اللّهِ وَحَرامهِ) ذلكَ أنّ التّقيّ العابِد يُفيد نَفسه فَحَسب أمّا العالِم الدّاعية المُحتَسب فَيُفيد جَميع أفرادِ الشّعب!

وَلذلك حقّ لأمّتنا أن تتَحَسّر لِفَقد عُلمائها الأبرار، قالَ تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾، وقالَ ابنُ عبّاسٍ رَضي اللّهُ عنهما أي: (خَرابها بِمَوت علمائها وَأهل الخَير مِنها)

وَيكفي العُلماء شَرَفاً أنّ اللّهَ عزّ وَجلّ زَكّى شَهادَتهم في العالَمين إلى يَوم الدّين فقالَ تَبارك وَتعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ وَقال عَليه الصّلاة وَالسّلام: {فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أدْنَاكُمْ} وَقال ﷺ: {إنَّ اللّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأهْلَ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الخَيْرَ}

نعَم أيّها الإخوَة الأعزّاء حقّ لِلأرض وَالسّماء بَل لِلأمّة جَمعاء أن تَحزن وَأن تَبكي عَلى مَوت العُلماء الفُضلاء لأنّ هؤلاءِ الأجلّاء حمَلوا أمانَة مُحمّد ﷺ خاتَم الرّسل وَالأنبياء!

ألمْ تَسألْ أخي الكريم نَفسَك في يومٍ ما هذا السّؤال: أينَ يَقضي العُلماء أوقاتهم وَكيف يفنونَ أعمارَهم؟ لقَد أفنوا سَنوات حَياتهم لِلتّفقّه في الدّين وَالدّفاع عَن الإسلامِ وَالمُسلمين وَنشر العِلم بينَ المُواطنين وَالذّبّ عَن سُنّة النّبيّ الأمينِ ﷺ وَلم يُضيّعوا وَقتهم الثّمين كبَقيّة المَسؤولين لنيلِ حُطام حَياة الدّنيا المَهين! وَلم يَستَمتعوا بِالشّهوات كغيرهم مِن الفارِغين وَالفارِغات لأنّهم جَعلوا مِن أنفسِهم للّهِ دَرّهُم! وَقفاً لِرَبّ الأرضِ وَالسّموات لا يُريدون مِن النّاسِ مَدحاً وَلا جزاءً وَلا مالاً وَلا شُكوراً.. يَجهرون بِكَلمة الحقّ أمامَ الحاكِم الظّالم وَلا يَخافون في اللّهِ لومَة لائمٍ! وَشتّان بَين مَن عاشَ لنَفسهِ فَحَسب يَعبّ مِن مَلّذات الحَياة فيما يُغضِب الرّبّ! وَبين مَن تَفتّت كَبِده حُزناً على نَكباتِ المُسلمين في الشّرق وَالغرب سَلْ نَفسكَ أخي الكريم: مَن سِوی عُلماء المُسلمين وَقَف سَدّاً مَنيعاً في وَجه العَلمانِيّين؟!

إنّ مَوت عُلماء الدّين الأبرار الأطهار وَمِنهم شَيْخنا الجَليل العَلّامة الفَقيه المِغوار يوسف القَرضاوي ثَلمَة في الإسلام لا يَسدّها شيءٌ ما بَقي ليلٌ وَنهار! وَنُذكّر الإخوَة الكِرام في هذا المَقام بِأنّ شَيخنا الإمام ليسَ مَعصوماً كما هوَ مَعلوم وَكلّ مَن يَطعن فيهِ وَخاصّة بَعد مَوتهِ هو وَحدهُ المَلوم وَلا يَطعن فيه إلّا حاقدٌ أو جاهلٌ أو سَفيه أضلّ مِن حِمارِ أبيهِ لا يَعرف كوعهُ في رِجليهِ أو في يَديهِ؟! وَنقولُ في الخِتام: حَفِظ اللّهُ غُرباءَ الإسلامِ الأخيار عُلماء الدّين المُعاصِرين القابِضين على الجَمر في زَمنِ التّحدّي وَما بَدّلوا تَبديلاً وَرحِم اللّهُ مَن قَضى نَحبَهُ مِنهم كَفَقيهِ الأمّةِ فَضيلة الدّكتور القَرضاوي وَجَمعَنا مَعهم في مُستَقرّ رَحمتهِ ﷻ بِخَيرِ مَنازِل وَأحسَن مَقيلاً.. وَنأمَل أن يَكون فَقيدنا مِمّن قالَ اللّهُ فيهم: ﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾.*

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى