ومضة | الشيخ سالم الشيخي
لم أجد دواءً أنفع ولا أنجع في الرد على إفرازات أمراض الحاقدين ، والحاسدين والماكرين ، وعلى الصديد الذين يتسلطون به على النّاس من الكذب ، والتزوير ، وبذاءة اللسان ، وقبح المقال – خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي – من الالتزام بالخلق النبوي الشريف الذي أدب الله به نبيه صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ،فمهما تفكر الإنسان في العلاج المناسب لهؤلاء، والطريقة المكافئة للرد عليهم ،فلن يجد أفضل من الاعراض عنهم جملة وتفصيلا ،وليس هناك من أمر يميت هؤلاء بغيضهم أفضل من الالتزام بأخلاق عباد الرحمن كما قال تعالى : {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } ،وبقوله تعالى : {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} .
فكن مطمئا أيها المؤمن فإنك ما دمت على هذه الحالة فإن لك من الله عونا ، ومن الملائكة دفاعا تعجز عن مثله، واعلم أنك تكرم نفسك بهذا الاعراض ، وتحفظ عزتها. ورحم الله الشافعي إذ يقول :
إذا سبّني نذلٌ تزايدْتُ رفعةً وما العيبُ إلاّ أن أكونَ مساببهْ
ولو لم تكن نفسي عليّ عزيزةً لَمَكَّنْتُها من كلِّ نذلٍ تحاربُهْ
فاسمعوا مني أيها الأحبة وتأكدوا أن لا دواء لما نقرأه اليوم في الأنترنت من الطعن على الأخيار من العلماء والدعاة وأهل الخير في المجتمعات إلا الاعراض عنه ، فهو وحده الطريق إلى عزة النفوس المؤمنة ،كما أنه الطريق الوحيد الذي يشرب منه السفهاء كأس المذلة والهوان ،وقد أَكْثَرَ رجل مِنْ سَبِّ الأحنف وهو لا يجيبه, فقال السَّابُّ: والله ما منع الأحنفَ من جوابي إلاّ هواني عليه.
وصدق الشاعر إذ يقول :
أو كلما طَنَّ الذبابُ طَرَدْتُه * إنّ الذبابَ إذاً عليَّ كريمُ
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)