مقالاتمقالات المنتدى

وقفات رمضانية… لبناء الذات ( ٨ )

وقفات رمضانية… لبناء الذات ( ٨ )

بقلم د. عمر عبدالله شلح ( خاص بالمنتدى)

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ).. بعد أن ذكرنا أهم آفات اللسان وهي ” الكذب، الغيبة، النميمة، الجدل “.. سنقف اليوم مع ” العين “، وهي أحد الجوارح المهمة جداً في حياة الإنسان.. والعين يمكن اعتبارها بوابة القلب، فما تقع عليه العين، قد تنقله إلى القلب، وقد ترفضه وتغلق الباب بينه وبين القلب.. ولأهمية العين وما يمكن أن تفعله، نرى أن القرآن الكريم قد سجل سؤالاً مهماً للعين وصاحبها، سيكون في لحظة ما، وفي حياة ما.. فقال الله سبحانه “…إن السمع والبصر والفؤاد، كل أولئك كان عنه مسئولاً “..
وفي تربية العين وضبطها، فقد وضع الله قانوناً مهماً، تقوم عليه هذه التربية للعين.. وهذا القانون ينطبق على الذكر والأنثى، وليس على أحدهما دون الآخر… وهذا القانون هو قانون ” غض البصر “.. فقد جاء في النص ” قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم “.. وفي حال الإناث، قال سبحانه ” قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن “.. والسبب في مطلب غض البصر وإزاحته عما وقع عليه، هو أن النظر سيحمل ما يرى وينقله للقلب، وهنا تبدأ المشكلة..!! ومن ناحية أخرى، أن نظرة العين هي بمثابة سهم من سهام إبليس.. وقد جاء في الحديث في صحيح مسلم ” عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن نظر الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري، وقال لعلي كما عند أصحاب السنن: لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الثانية..” وقد جاء عن ابن القيم ” بأن إطلاق البصر إلى ما حرم الله تعالى يورث عمى القلب، وضعف البصيرة، والوقوع في الرذيلة، وفساد المجتمع، وغير ذلك من المفاسد..”
فالمسلم مطالب بغض النظر، وحفظه جيداً عن محرمات الله سبحانه.. وقد جاء عن الشافعي ما قاله..
وعينك إن أبدت لك معايباً
فصنها وقل يا عين للناس أعين..
وفي شهر رمضان، فإن عدم غض البصر يجرح الصوم، ويرجع بالصائم إلى صيام العام.. لذلك من المهم أن ننتبه إلى مسألة العين، وسرعة وقوعها على الشئ، وهذا يعالج كما قال بعض العارفين، إذا وقعت عينك على حرام، فتذكر أن عين الله أسرع وأقرب إليك من عينك لهذا الحرام.. يعنى إحياء مفهوم الرقابة الذاتية لله سبحانه..
هي أيام معدودات.. والعين تحتاج إلى ضبط، وتمارين على ممارسة هذا الضبط من أجل غض البصر.. لذلك، هي فرصة نغتنمها، ورويداً رويداً.. نصل إلى المراد، خاصة إذا وضعنا برنامجاً مهما لضبط العين، أهم ملامح هذا البرنامج، هو الرقابة الذاتيه لله، يرافقها الدعاء والتوسل إلى الله، على نية التوفيق والثبات.. وتذكر أن العين تزني، وزناها النظر.. فاحفظ عينك بغضها عن ما حرم الله.. اللهم أعنا على غض أبصارنا.. واصرفها عن كل محارمك.. اللهم ثباتاً على الحق.. وغلبة في الميدان.. ونصرة على يهود.. صباحكم صباح غض البصر وتدريب العين على ذلك.. صباحكم صباح غزة.. تواصل قتالها بمعيّة الله.. فتنتصر بإذن الله .

إقرأ أيضا:سمحاويات … تأملية بالمختصر المفيد بعد اللقاء الجديد للشيخ عثمان الخميس 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى