مقالاتمقالات المنتدى

وقفات رمضانية… لبناء الذات( ٢٥ )

وقفات رمضانية… لبناء الذات( ٢٥ )

بقلم د. عمر عبدالله شلح ( خاص بالمنتدى)

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ).. في فهم الشخصيات وأنواعها، يمكن القول أن هناك أنواعاً مختلفة لتلك الشخصيات، تتشكل بسبب الصفات التي تنمو وتكبر عليها، وقد قيل قديماً ” من شبّ على شئ، شاب عليه..”.. ويمكن القول أن من تلك الشخصيات، مثلاً الشخصية القوية، وعكسها الضعيفة.. والشخصية العصبية، وعكسها الحليمة.. وهناك الشخصية الحازمة، وعكسها ” الشخصية المترددة “.. وهذا النوع، هو مجال كتابتنا اليوم في هذا الصباح..
وليكن واضحاً، بما لا يدع مجالاً للشك، أن التردد أثناء بناء الذات، هو من أكثر العيوب، التي تساهم في هدم عملية البناء التي تتم للذات.. وربما يمكن تسمية التردد ” بالعيب القاتل “.. وفي الحلقات السابقة كلها، كنت أكتب حول بعض النقاط المهمة، التي لو تم الأخذ بها، لكانت هناك عملية بناء مفيدة للذات.. والشئ الذي يمنع الأخذ بها في أغلبه هو ” آفة التردد “..
ولخطورة هذه الآفة، جاء القرآن الكريم ينظم الأمر في قوله تعالى “.. فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ “.. وهذا يعنى، في حال نظرت إلى الأشياء، وقمت بفهمها ودراستها جيداً، وحددت أيها الأفضل، فعليك أن تمضي للأمام ولا تتردد، وتبقى تراوح مكانك، تعيد اجترار نفس المواقف، دون التقدم خطوة واحدة في بناء الذات، أو في مسائل الحياة، وما يرتبط بها في الآخرة..
إن مسألة التردد، غاية في الأهمية، سواءً كان الأمر في صغار القضايا، أو في كبارها.. مثال بسيط جداً، لو أردت أن تذهب لموعدٍ ما، ووقفت تختار نوع ولون اللباس الذي ترديه في هذا الموعد، إن لم تحسم الأمر في مسألة اللباس، وتنتهي حالة التردد، سينتهي الموعد، ويفوتك القطار كما يقال.. لذلك، إذا لم ينتابك التردد، ستأخذ القرار وتمضي، وهذا يجعل منك شخصية قوية وحازمة.. وقد جاء في الحديث ” المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ وفي كلٍ خيرٌ “.. نلاحظ أن التفضيل، كان لصالح المؤمن ذو الشخصية القوية، رغم أهمية أن الخيرية موجودة لكل منهما.. لكن الشخصية القوية مقدمة على الضعيفة.. ومن أسوأ عيوب الشخصية المترددة، أنها تسحب صاحبها للخلف، ما لم تنتهِ حالة التردد فيها..
ويستمر هذا التدهور للشخصية المترددة، حتى يصبح شخص انطوائي، وتبدأ رحلته مع الاكتئاب وغيره من الأمراض النفسية.. الصحابة الكرام، رضي الله عنهم، حينما سألهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في موضوع القتال في بدر، يومها وقف سعد بن معاذ متحدثاً باسم الأنصار، وقال بدون تردد.. وبكل قوة وحزم ” فامض يا رسول الله لما أردت فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوًّا غدًا إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله..” هذا هو الحزم في الشخصية القوية.. لا تردد، ولا تلعثم، ولا تأتأة ولا أيّ من هذه الصفات السلبية..
عزيزي القارئ.. الأمر يستحق المحاولة.. فهل وقفت أمام شخصيتك لتعرفها، من أي الأنواع أنت..؟؟ ولتكن شخصية الغزي ” من غزة ” حاضرة أمامك.. لعلها تفيدك في التقييم..!!!
اللهم ثباتاً على الحق.. وغلبة في الميدان.. ونصرة على يهود.. صباحكم صباح الأقوياء.. صباحكم صباح غزة.. تواصل قتالها بمعيّة الله.. فتنتصر بإذن الله .

إقرأ أيضا:فتح عمورية… من الفتوح الإسلامية الرمضانية المشهودة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى