مقالاتمقالات المنتدى

وقفات رمضانية… لبناء الذات( ٢٤ )

وقفات رمضانية… لبناء الذات( ٢٤ )

بقلم د. عمر عبدالله شلح ( خاص بالمنتدى)

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ).. ها هي أيام شهر الله، تشارف على الإنتهاء، سائلين المولى عزوحل أن يتقبل منا ويجعلنا في عباده المقبولين..
وعلى طريق بناء الذات، نكتب اليوم عن صفة مهمة، ولكنها تحتاج إلى جهد كبير، واستعداد عالٍ من أجل النجاح في تثبيتها، من ضمن سمات الشخصية لدى الإنسان العاقل، والذي يرغب في التغيير الإيجابي.. هذه السمة هي ” كظم الغيظ “..
ويقصد بها، أن يضبط الإنسان غضبه ولا يصبه أو يوجهه على الناس..
هذه الصفة المهمة، تعتبر أحد صفات المتقين في سورة آل عمران، في الآية رقم ١٣٤ ” وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ “..
وكظم الغيظ، هو سلوك مرتبط بسلوك الغضب لدى الإنسان.. وتظهر هذه الصفة عندما يغضب الإنسان، فإما يكظم غيظه، ويمتص نقمة غضبه، أو يكون العكس.. ويتصرف بردة فعل غاضبة، قد تفقده الكثير، وتكلفه الكثير أيضاً.. والسؤال المهم، أين يمكن للمرء أن يكظم غيظه.. ؟؟
هل يكلم غيظه عندما تنتهك حرمات الله..؟ أو يكظم غيظه عندما يرى أعراض المسلمين تستباح..؟؟
بكل تأكيد، ليس مطلوب هنا كظم الغيظ، بل من الواجب أن يغضب الإنسان، عندما تنتهك حرمات الله.. وعندما تذبح غزة من الوريد إلى الوريد.. هنا لا يجوز كظم الغيظ، بل من أوجب الواجبات الآن، هو الغضب لغزة، والانتفاض من أجلها.. والانتصار لها..
لكن كظم الغيظ، مطلوب في العلاقات الشخصية والثنائية والمجتمعية.. فمثلاً، قصة الجارية مع الخليفة، حينما انسكب وعاء الماء من يدها في حجر الخليفة.. فنظرت الجارية إليه، ورأت علامات الغضب على وجهه فقالت: والكاظمين الغيظ.. فقال الخليفة: كظمت غيظي.. فقالت: والعافين عن الناس، قال: عفوت عنك.. قالت: والله يحب المحسنين.. فقال الخليفة: أنت حرّة لوجه الله..
وكما قلت، هذا السلوك يحتاج إلى جهد كبير، خاصة إذا لم يكن الشخص متعود على ذلك.. ومن باب التحفيز والتشجيع على هذا السلوك نذكر الحديث الشريف ” مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وهوَ قادِرٌ على أنْ يُنْفِذَهُ ؛ دعاهُ اللهُ سبحانَهُ على رُؤوسِ الخَلائِقِ يومَ القيامةِ حتى يُخَيِّرَهُ مِن الحُورِ العِينِ ما شاءَ..”
ومن الخطوات العملية التي تساعد في ممارسة هذا السلوك ننصح بما يلي..
١_ في اللحظة الأولى التي يتم فيها اغاظتك، إلتزام الصمت، وخذ نفس عميق بهدوء، وحاول أن تلزم نفسك بالتسبيح أو الاستغفار سراً..
٢_ تذكر أن سلوك الإغاظة لك، هو سلوك شيطاني، فلا تعطي القرين أو الهوى أو النفس الأمارة فرصة التعاطي مع هذه الإغاظة..
٣_ تذكر الأجر الكبير، الذي أعده الله للكاظمين الغيظ، فلا تخسر هذا الأجر..
٤_ وبما أن الغيظ مرتبط بالغضب، والغضب جمرة من نار، يشعلها الشيطان في قلب الإنسان، فعليك أن تطفئ هذه النار بالوضوء..
٥_ تذكر أنك أخذت قراراً بالتغيير الايجابي، وهذا يحتاج إلى مزيد من الصبر، وتكرار المحاولة حتى تنجح..
كظم الغيظ، نعمة من نعم الله على العبد، فمن حُرِمها فقد حُرِم خيراً كثيراً.. اللهم اجعلنا من الكاظمين الغيظ.. والعافين عن الناس.. اللهم ثباتاً على الحق.. وغلبة في الميدان.. ونصرة على يهود.. صباحكم صباح الكاظمين لغيظهم.. صباحكم صباح غزة.. تواصل قتالها بمعيّة الله.. فتنتصر بإذن الله.

إقرأ أيضا:  المنكوبون في الثّغر أولی النّاس بصدقة الفطر!

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى