مقالاتمقالات المنتدى

وقفات رمضانية… لبناء الذات( ١٧ )

وقفات رمضانية… لبناء الذات( ١٧ )

بقلم د. عمر عبدالله  شلّح (خاص بالمنتدى)

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ).. استكمالاً لصباح الأمس عن صدق العزم، نكتب اليوم عن الصدق الذي يرتبط به مباشرة، ألا وهو ” صدق الوفاء بالعزم “..
والمقصود بهذا الصدق، هو أن ما عزم الإنسان على فعله في المستقبل، إذا حدث ما أراد، فعليه أن يكون وفيّاً وصادقاً فيما عزم على فعله..
فذكرنا مثلاً، كأن يقول شخص ما، لأن أعطاني الله مالاً، لأنفق نصفه في سبيل الله.. وبعد فترة من الزمن، أعطاه الله هذا المال الذي كان يحلم به..
هنا، من باب تحقيق صدق الوفاء بالعزم، عليه أن ينفق نصف ماله في سبيل الله كما عزم.. وإلا فإنه قد كان كاذباً في عزمه..
وفي الحديث عن موقف أنس بن النضر، فقد قرأنا موقفه في صدق العزم، في حال أنه شهد مشهداً مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ليرينّ الله ماذا يصنع.. وهذا هو من صدق العزم.. وعندما جاءت معركة أحد، وشهدها أنس رضى الله عنه مع رسول الله، ترى كيف كان صدق وفائه بالعزم الذي عزمه من قبل..؟؟
الحديث الشريف يجيب عن حال أنس حيث جاء فيه ” لَئِنْ أشْهَدَنِي اللَّهُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ ما أُجِدُّ، فَلَقِيَ يَومَ أُحُدٍ، فَهُزِمَ النَّاسُ، فَقالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أعْتَذِرُ إلَيْكَ ممَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ، يَعْنِي المُسْلِمِينَ وأَبْرَأُ إلَيْكَ ممَّا جَاءَ به المُشْرِكُونَ فَتَقَدَّمَ بسَيْفِهِ فَلَقِيَ سَعْدَ بنَ مُعَاذٍ، فَقالَ: أيْنَ يا سَعْدُ، إنِّي أجِدُ رِيحَ الجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ، فَمَضَى فَقُتِلَ، فَما عُرِفَ حتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بشَامَةٍ أوْ ببَنَانِهِ، وبِهِ بضْعٌ وثَمَانُونَ مِن طَعْنَةٍ وضَرْبَةٍ ورَمْيَةٍ بسَهْمٍ “.. في آخر الحديث، نرى كيف أنه رضى الله عنه قاتل قتالاً غير مسبوق، لدرجة أنه كان من الصعب التعرف عليه، إلا بعلامة كانت في بنانه.. هذا هو ” صدق الوفاء بالعزم “.. وهذا هو مصداق قول الله تعالى ” مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا “.. وجاء في سبب نزول هذا النص، أنه نزل في أنس بن النضر صاحب صدق العزم، وصدق الوفاء بالعزم..
وصدق الوفاء بالعزم، يحتاج إلى جهد ومجاهدة كبيرة للنفس والهوى.. فقد يكون من السهل على الإنسان، أن يعزم على فعل أمر ما.. لكن التحدي الحقيقي، هو عندما تحين اللحظة، لإثبات هذا العزم، هل كان مجرد كلام في لحظة حماس وانفعال، أم كانت قناعة ومنهج حياة.. عن فهم ووعي وإرادة..؟؟
صدق العزم، وصدق الوفاء به، هو من صفات المؤمنين المتوكلين على الله سبحانه.. وكلما كان الإيمان أكثر والتوكل أصدق، كلما كانت فرص تحقيق الوفاء بالعزم أكثر.. نسأل الله أن يلهمنا الصدق في العزم.. والوفاء به.. وأن يأخذ بأيدينا لما فيه خيري الدنيا والآخرة..
اللهم ثباتاً على الحق.. وغلبة في الميدان.. ونصرة على يهود.. صباحكم صباح الوفاء بعزائمنا.. صباحكم صباح غزة.. تواصل قتالها بمعيّة الله.. فتنتصر بإذن الله .
إقرأ أيضا:سمحاويات …. تأملية

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى