مقالاتمقالات المنتدى

وقفات رمضانية… لبناء الذات( ١٥ )

وقفات رمضانية… لبناء الذات( ١٥ )

بقلم د. عمر  عبدالله شلّح( خاص بالمنتدى)

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ).. في صباح الأمس، ذكرنا أنواع الصدق، ووعدنا أن نقف في ظلالها تباعاً.. ووفاء لهذا الوعد، فسنقف اليوم مع ” صدق النيّة “، وهو النوع الثاني..
أما النوع الأول، وهو صدق اللسان، فيمكن الاستفادة من ذلك في صباح رقم ” ٤ ” من هذه الوقفات، حيث تحدثنا عن أحد آفات اللسان وهي ” الكذب “.. وبالأضاد تعرف الأشياء.. فالصدق هو الضد للكذب.. ويكفي أن نذكر ما جاء في الحديث عن أهمية الصدق ” عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا “..
والحديث عن صدق النيّة، ربما يعتبر من أكثر أنواع الصدق ضرورة، لأنه يمس كل عمل أو قول يقوم به الإنسان..
فالسؤال المهم، ما فائدة أن يفعل الإنسان أفضل الأعمال، ولكنه غير صادق في نيته بفعلها، إذ يقول أنه فعلها لله، وهو غير ذلك..؟؟
صدق النية، يؤكده الحديث المشهور من الأربعين النووية، والذي يقال فيه، أنه عليه يقوم نصف الدين.. وهذا الحديث هو ” إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه “..
والمقصود بصدق النية، هو الإخلاص لله سبحانه في الأقوال والأعمال، ابتغاء مرضاته ورحمته سبحانه..
فكل عمل مهما كان صغيراً، أو كبيراً، على المسلم أن يبتغي منه رضوان الله سبحانه، وإن حدث العكس، هذا يعنى أن الإنسان يكون كاذباً.. فقد جاء في الحديث ” أنا أغْنَى الشُّركاءِ عنِ الشِّركِ، مَنْ عمِلَ عملًا أشركَ فيه معِيَ تركتُهُ وشِركَهُ..”..
وفي النص القرآني ” وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا “.. لأن النية فيه، لم تكن لله.. لذلك لم ينفع صاحبه يوم القيامة..
النية تحتاج إلى الإخلاص، وقد جاء عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال عن المخلصين ” طوبى للمخلصين، أولئك مصابيح الهدى، تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء..”
جميل هذا الدين، الذي يعطى الأجر على النية الصادقة.. فمن همّ بفعل حسنة ولم يفعلها، فاكتبوها له حسنة.. وفي ذات الوقت، ووفقاً لمنهج العدل، فمن لم تكن النية عنده صادقة، فلا يلومنّ إلا نفسه.. وجاء في الحديث ” مَنْ سأَلَ اللَّه تَعَالَى الشَّهَادةَ بِصِدْقٍ بلَّغهُ اللهُ منَازِلَ الشُّهَداءِ وإنْ ماتَ على فِراشِهِ “.. فلنتحسس نوايانا قبل الفعل.. ونجتهد أن تكون صادقة لله سبحانه.. حتى لا نخسر الدنيا والآخرة..
اللهم صدق النوايا.. يا من بيده قلوب العباد..
اللهم ثباتاً على الحق.. وغلبة في الميدان.. ونصرة على يهود..
صباحكم صباح صدق النوايا.. صباحكم صباح غزة.. تواصل قتالها بمعيّة الله.. فتنتصر بإذن الله .

إقرأ أيضا:سمحاويات …. تأملية

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى