
وقفات رمضانية… لبناء الذات ( ١٢ )
بقلم د. عمر عبدالله شلح( خاص بالمنتدى)
( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ).. بعد الحديث في الصباحات السابقة عن أقسام الصيام، وعن الجوارح وما يمكن أن تفعله في صيام العبد، سنكمل الوقفات هنا في عناوين مهمة، نظنها تساهم في بناء الذات لكل من أراد أن يحدث فارقاً، في شخصه بانتهاء الشهر الكريم..
واليوم سنقف مع ” القلب “.. ودوره في بناء الإنسان بناءً سليماً..
فالقلب سُمّي بهذا الإسم، لكثرة تقلّبه، ففي كل فترة يكون في حال مختلف، ما لم يثبّته الله لصاحبه.. وقد جاء في الحديث عن أهمية القلب في صلاح صاحبه “…ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ.. “.. حتى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء في دعائه عن القلب، أنه ” كان يُكثرُ أن يقولَ يا مقلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبِي على دينِك فقلت يا نبيَّ اللهِ آمنَّا بك وبما جئتَ به فهل تخافُ علينا؟ قال نعم إن القلوبَ بينَ إصبعينِ من أصابعِ اللهِ يُقلِّبُها كيفَ يشاءُ..”..
والقلوب في مجملها، تقع في ثلاثة أنواع، وهذه الأنواع هي:
_ قلب المؤمن
_ قلب المنافق
_ قلب الكافر
وهذا التقسيم يمكن فهمه من مطلع سورة البقرة..
فقلب المؤمن هو الذي يعنينا الوقوف معه، وكيف يمكن أن ننصح صاحبه بالحفاظ عليه، بعد توفيق الله لصاحبه..
لأن النوعين الآخرين، قلب المنافق، وقلب الكافر، فقد طمس الله عليهما، فلا يرجىٰ صلاحهما بعد هذا الطمس.. مع التنويه، أن قلب المنافق، المقصود بصاحبه هو المنافق الاعتقادي، والذي يبطن الكفر، ويظهر الإسلام..
لذلك سنقف مع القلب المؤمن، وضرورة تفقده على الدوام، بالحد الأدنى مرة واحدة في نهاية اليوم، عندما يعمل المؤمن جردة حساب لما فعله في يومه، على مقياس القرب والبعد من الله.. ومن المهم أن نذكر أن القلب جاء في تعريفه، بأنه تلك اللطيفة الكونية، التي أبدعتها اليد الإلهية في جوف ابن آدم.. ولا يقصد بصلاح القلب، هو أن عضلة القلب قويه وتعمل بشكل ممتاز وصاحبها لا يعاني مشاكل.. لا، فقد يكون صاحب هذا القلب السليم عضوياً، يدمن المعاصي.. سواء كانت صغائر أو كبائر.. وقد يكون العكس تماماً، بأنه قد يعاني الشخص من مشاكل عضوية في القلب، ولكنه من أكثر الناس قرباً وورعاً إلى الله..
والسؤال المهم، ما هو مفتاح القلب الذي من خلاله يمكن الولوج إليه، واحداث الفارق بينه وبين القلوب الأُخرى؟؟
الإجابة تكمن في قوله تعالى ” الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ “..
في صباح الغد إن شاء الله نكمل حديثنا في ظلال قلوب المؤمنين.. اللهم ثباتاً على الحق.. وغلبة في الميدان.. ونصرة على يهود.. صباحكم صباح القلوب المطمئنة.. صباحكم صباح غزة.. تواصل قتالها بمعيّة الله.. فتنتصر بإذن الله .
إقرأ أيضا:الرد على الشيخ عثمان الخميس(٨)