وعلى نفسها جنت براقش حول أفول تيار ما يسمى ” الإسلام السياسي” من أفل ولمصلحة من ؟!
بقلم أ. زهير سالم
ابتداء أحب أن أؤكد دائما، أننا من منطلق عقائدي شرعي محض نرفض مصطلح “الإسلام السياسي” . الإسلام هو الإسلام، هو التصور الجامع الكامل لكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، يوم أنزل عليه”اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا” لا نزيد فيه ولا ننقص منه شيئا.
ونحن المسلمين، نتنفس إسلاما في نشاطنا اليومي والعلمي والثقافي والفكري والاجتماعي والسياسي. إسلامنا الوحد كلٌ لا يتجزأ ولا يتبعثر. والإمام على المنبر أو على العرندس ليس أولى بالإسلام من أي مسلم آخر …
وأعود إلى السؤال الذي طرحه اليوم أحد الصحفيين، وعالجه من زاوية رؤية محددة، لأشاركه الجواب من زاوية رؤية أخرى قد لا تتناقض معه، ولكنه تكمله وتجعل لقوله فائدة أكثر عملية..
ولو سئلت السؤال نفسه: هل أفل نجم المشروع الإسلامي الحضاري، المنفتح على العصر وعلى العالم ، لقلت اليوم وبكل الصراحة والوضوح وبدون تردد: نعم …
والأمر ما هو عليه اليوم غيره، كما كان قبل عقدين أو ثلاثة عقود؟؟ حيث كان هناك مشروع، وكان هناك حملة يشكلون أملا .. المهم والمفيد في السؤال والجواب أن نتساءل: ولمصلحة من كان هذا الأفول؟؟!!
هل هو لمصلحة قوى ونخب وقواعد بشرية تسمي نفسها “حداثية” وتندرج تحت العديد من العناوين والمسميات؟؟!! وتلك هي براقش التي عنيت!!
إن هذه المدارس المخالفة ولكل شاكلته، التي كان لها دورها في عزل، أو في تغييب، أو أفول المشروع الإسلامي المعتدل، عن الساحات الوطنية العامة ،في كل المجتمعات العربية، فتحالفت مع الداخل والخارج .. كانت الخاسر الأول فيما عملت عليه، فكانت كمن قيل فيه، يداك أو كتا وفوك نفخ. فهي قد دفعت عن الساحة القوى الإسلامية التي يمكن أن تعترف بها، وان تتعامل معها، وأن تشاركها….؛ لتصبح تحت سنابك قوى هي أعلم بحال حملة راياتها ..ولتبقى مطحونة بين رحيي مستبدين يبحثون عن أتباع ، وجماهير فوضى عريضة أسهل ما يجري على ألسنتها كلمات التكفير والتفسيق والتبديع والتخوين !!
نعم انحسر في تجارب الربيع العربي مشروع ” الإسلام الحضاري العصري” الذي يقبل بتحدي الصندوق، والذي يتفهم أبعاد التطور المجتمعي، والذي يصغي لصوت العصر والتنمية و المشترك ..لمصلحة مشروع آخر ..
مشروع فوضوي طوباوي ماضوي منه نسخة مستقلة في رأس كل الذين يدعون إليه، عنوانه كما كتبت بالأمسي”من ليس معي فهو ضدي” وطريقة القائمين عليه” لامساس” وكل من خالف اجتهاد أحد أفراد هذا المشروع ببنت شفة فهو وهو …
أنا دائما ما أكتب ” التدعش” عنوان نحته السوريون، وهو تعبير عن حالة لا تقتصر فقط على مايسمى ” تنظيم الدولة” بل هي حالة أكثر انتشارا وتضم في صفوفها فئاما من الناس منهم المتدينون ومنهم العلمانيون ومنهم الليراليون ومنهم زعامات دول وأحزاب، بحيث يحق لنا أن نسمي كل خطاب ضيق حرج منغلق “خطاب داعشي”
ومن منطلق وطني محض، أعيد التقرير، إن أفول نجم حملة المشروع الإسلامي العصري المستقبلي الحضاري، لم يكن في مصلحة الإسلام ، ولا في مصلحة الحرية ولا في مصلحة الديمقراطية ولا في مصلحة حقوق الإنسان ، كما أنه ليس في مصلحة الإسلام ولا الإنسان..
اليوم ونحن نتابع الشعارات العدمية هي السائد على أفواه جماهير مقموعة مقهورة يائسة ندرك أن الذين حشروا مجتمعاتنا في هذه الزاوية لم يريدوا بها خيرا أبدا ..
وأن الذين يفرحون بهذا الأفول وبهذا الانتصار هم براقش التي أول ما تجني فعلى نفسها..
ربع قرن مضت كانت هناك محاولات لإحياء معالم المشروع الإسلامي كما أراده المجددون…وأصغي اليوم حولي وأقول: وكأنك يا أبا زيد ما غزيت.
يا حسرة على العباد ..
لندن: 9/ ربيع الثاني/ 1443 – 15/ 11/ 2021
المصدر: رسالة بوست