مقالاتمقالات مختارة

وعادَ مسيلمة | بقلم الشيخ حجاج العجمي

وعادَ مسيلمة | بقلم الشيخ حجاج العجمي

بقلم الشيخ حجاج بن فهد العجمي

يقول ابن كثير رحمه الله
( وقد رُوينا عن عمرو بن العاص، أنه وفد إلى مسيلمة في أيام جاهليته، فقال له مسيلمة: ماذا أنزل على صاحبكم في هذا الحين؟ فقال له عمرو: لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة. فقال: وما هي؟ قال: أنزل عليه {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} [العصر: ١] قال: ففكر مسيلمة ساعة، ثم رفع رأسه فقال: ولقد أنزل علي مثلها. فقال له عمرو: وما هو؟ فقال مسيلمة: يا وبرُ يا وبر، إنما أنت أُذنانِ وصدر، وسائرك حَقْرٌ نَقْر. ثم قال: كيف ترى يا عمرو؟ فقال له عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم إنك لتكذب! )
البداية والنهاية 9/474
مسيلمة الكذاب رجل من بني حنيفة ادعى النبوة في عهد النبي ﷺ أتى بأسجاع سخيفة وكلام ركيك فأضلَّ به خلقا كثيرًا، يقول القاضي الباقلاني رحمه الله لما ذكر شيئا من أسجاعه:
( وأمثال ذلك من الكلام الركيك السخيف قيل له هذا الكلام دال على جهل مورده وضعف عقله ورأيه وما يوجب السخرية منه والهزء به وليس هو مع ذلك خارجا عن وزن ركيك السجع وسخيفه ) تمهيد الأوائل ص182
وقال كذلك في إعجاز القرآن ص 156
( فأما كلام ” مسيلمة ” الكذاب، وما زعم أنه قرآن، فهو أخس من أن نشتغل به، وأسخف من أن نفكر فيه.
وإنما نقلنا منه طرفا ليتعجب القارئ، وليتبصر الناظر، فإنه على سخافته قد أضل، وعلى ركاكته قد أزل، وميدان الجهل واسع! )
فتأمل كلام الباقلاني عن سخافات مسيلمة وأسجاعه الركيكة كيف أنه أضلَّ بها خلقا أراقوا دماءهم في سبيل الدفاع عنه في معركة اليمامة وقُتل من أتباعه ما يزيد على عشرة آلاف رجل!
وكانوا في دفاعهم أهل شدة وبأس وقد لاقى الصحابة من قومه ما لاقوا حتى نصرهم الله بنصره..
ميدان الجهل لا يزال واسعًا
ولذا عادَ مسيلمة في أيامنا هذه !
عادَ مسيلمة ليقف مع الطواغيت ويُشرعن لهم بغيهم وظلمهم وقتلهم للناس ..
عادَ مسيلمة ليقول للعكسر المجرمين في مصر
( اضرب بالمليان.. طوبى لمن قتلهم وقتلوه
ريحتهم وحشة .. من قتلهم كان أولى بالله منه )

عادَ مسيلمة ليقول عن أمريكا الإجرام والإرهاب أنها من أقطاب السلام في العالم!

عادَ مسيلمة ليجتمع مع أصحابه في الشيشان تحت رعاية المجرم بوتين ليتناقشوا خطورة أفكار ابن تيمية رحمه الله ودور فكره وعلمه في زراعة الإرهاب منهجا وسلوكا
والعجيب أن هذا المؤتمر المشؤوم تزامن مع قصف الروس لحلب فضلًا عن إجرامهم السابق في الشيشان نفسها!

ستجد مسيلمة في أماكن ومواقف كثيرة عدوا للدين حربًا على الأمة وفي كل مرة سيلبس لباسا شرعيا يمرر به باطله، وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن عمر بن الخطاب أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان”
عليم اللسان: أي صاحب بيان وفصاحة ولكنه منافق
باختصار يا كرام
الوعي .. الوعي
لا بد أن يكون البناء الثقافي قويا حتى لا تكون عقولنا أسيرة لإعلام الطغاة وأوليائهم، فالمعركة معركة الوعي وعلى طلبة العلم والمثقفين ودعاة القسط والعدل أن يحملوا رايتها يحتسبون في ذلك الأجر، وقد وجبت الجنة لرجلٍ أزاح غصن شوك عن طريق الناس؛ فكيف بمن يزيح عنهم الجهل والظلم والطغيان؟
والله أعلم وأحكم

(المصدر: صفحة الشيخ حجاج العجمي على الفيسبوك)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى