بقلم أحمد منصور
حينما جاء دونالد ترامب إلى السعودية وعقد صفقة الأسلحة التي تزيد قيمتها على أربعمائة وستين مليار دولار قال إن هذه الصفقة ستوفر آلاف الوظائف للأميركيين علي مدى سنوات، وليس ترامب وحده الذي يعقد صفقات سلاح مع السعودية والدول العربية الأخرى تقدر قيمتها بمئات المليارات من الدولارات، بل إن الدول الغربية جميعها وكل الدول المنتجة والمصدرة للسلاح في العالم تتسابق من أجل عقد الصفقات مع السعودية كأكبر مستورد للسلاح من أجل توفير عشرات الآلاف من الوظائف في بلادها.
وإذا عدنا قليلاً إلى الوراء وتحديداً بعدما قام صدام حسين بغزو الكويت، نجد أن هذا كان بداية قيام الدول العربية والخليجية بشكل خاص بإنعاش شركات وأسواق صناعة السلاح في العالم، وقد تحول الأمر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى أكبر تجارة توفر وظائف وتدر دخلاً على الدول المنتجة، فكميات السلاح التي تم تحويلها إلى أفغانستان لمحاربة طالبان والقاعدة استدعت، كما قال كثير من الخبراء الأميركيين، أن تقوم الولايات المتحدة باستخدام كل ما لديها من مخزون من القنابل والأسلحة التي أنتجتها ولم تستخدمها منذ حرب فيتنام، حيث كانت قاذفات بي 52 العملاقة تقوم بما يسمى «القصف السجادي»، وهو تحديد بقعة من الأرض على هيئة سجادة وحرثها بالقنابل شبراً شبراً وذراعاً بذراع، بحيث تباد كل أشكال الحياة بها وتجعل الحياة فيها بعد ذلك شبه مستحيلة.
وقد قام الباحث الأميركي الشهير الدكتور أصف دراكوفيتش، خبير اليورانيوم، بزيارة أفغانستان وأخذ عينات من التربة والمياه في كثير من المناطق التي تعرضت للقصف فأكد، في حوار أجريته معه في برنامجي التليفزيوني «بلا حدود»، أن نسبة اليورانيوم في التربة والمياه تفوق المعدلات الطبيعية في بعض الأحيان بمائة ضعف؛ مما يعني أن كل من يعيش في هذه الأجواء معرض للإصابة بأمراض غريبة وهذا ما يحدث بالفعل، حيث تتفشى أنواع غريبة من مرض السرطان وأمراض أخرى لايزال العلماء يبحثون عن تسميات لها، وما حدث في أفغانستان حدث في العراق والفلوجة تحديداً وغزة، ويحدث الآن في سوريا واليمن وليبيا، حيث تتركز كل الحروب التي تدور في العالم الآن في بلادنا، وحيث تزدهر صناعة السلاح في الدول الغربية وينتعش سوق العمل وفرص التوظيف من أجل إنتاج الأسلحة التي تفتك في النهاية بالمسلمين وتدمر الحياة في بلادهم، فالأسلحة التي تستخدم معظمها لم تعد أسلحة تقليدية ولم يعد دورها يقتصر على القتل والهدم، وإنما من خلال المواد التي تدخل في تصنيعها أصبحت تقتل الحياة لآلاف السنين في المناطق التي يتم تدميرها، وإذا كانت قنابل الحرب العالمية الثانية والألغام التي زرعت خلالها في كثير من الدول التي دارت رحى الحرب فيها لازالت تحصد الأرواح، فما بالك بالتطور الهائل الذي حدث في تصنيع السلاح؛ حيث دخل اليورانيوم المنضب وغيره من المواد السامة القاتلة في صناعة كثير من أنواع القنابل والقذائف. إذن فبأموال المسلمين تقوم الدول بتوفير وظائف لغير المسلمين حتى يتم إنتاج أسلحة يتم توريدها للمنطقة لقتل الشعوب المسلمة.. لا أعرف كيف سيسطر التاريخ هذه المأساة؟!
(المصدر: صحيفة الوطن)