وضوح وثبات بوصلة الربيع العربي نجاح للجميع
بقلم د. إبراهيم الديب
الى ثوار السودان والجزائر الاحرار بوصلتنا حرية لا هوية
حقيقة الامر التي لا لبس ولا غموض ولا شك فيها هي أن الجماهير العربية خرجت
للربيع العربي مطالبة بحريتها وتحسين مستوى معيشتها، ولم تطالب بهويتها على أي
شكل من الأشكال سواء الإسلامية منها او الاشتراكية او العلمانية والليبرالية او الحوثية.
وفي هذا عدة دلالات :
أولا : انها ثورات بريئة من كل ايدولوجيا ومحاولة استقطاب ، واقصاء لأى جهة
من الجهات
ثانيا : انها جاءت تعبر عن الاحتياجات الحقيقية التي يحتاجها الشعب وليست وليدة توجيه أو إملاء من احد
ثالثا : انها جاءت فطرية ، حيث ان الفطرة الاجتماعية للإنسان تحتاج الى الحرية والعيش الكريم وبعدها يفكر الانسان فيما يمكن ان يضيفه
رابعا : أنها جاءت متوافقة مع ما جاء به الأنبياء الثلاثة موسى وعيسى ومحمد عليهم جميعا الصلاة والسلام ، مطالبة بالحرية بمعناها الشامل ، الحرية التي تحفظ له كرامته الإنسانية في اختيار ما يشاء بداية من الاله الذى يعبده ، واختيار من يمثله في الحكم واختيار طريق ونمط عيشه .
كما أن حقائق الواقع أكدت في أكثر من مرة أن دخول ما يسمى أصحاب الايدولوجيا
سواء كان إسلاميين بتصنيفاتهم المختلفة او حوثيين على خط الثورة حقق فشلا ذريعا
في ذاتهم ، وفى مجتمعهم وثورتهم ، وهذا كائن وثابت في مصر والسودان وليبيا واليمن لعدة أسباب
أولا : ان من يطلقون على انفسهم إسلاميين لم يحسنوا تمثيل الإسلام بحده الأدنى الذى
يجذب الناس ولا ينفرهم ، ويوحد المجتمع ولا يقسمه ، ويحل له مشاكله ولا يعقدها
ولا ننسى ابدا ان الإسلاميين في السودان اسسوا دولة للفساد والاستبداد على مدار ثلاث عقود متتالية سيظل يعانى منها السودان بل والدعوة الاسلامية في العالم لعقود طويلة
حتى ينساها الناس .
ثانيا : انه ثبت بالبرهان العملي انهم غير مؤهلين ولا جاهزين كفصيل سياسى
وثبت فشلهم الذريع في إدارة الشأن العام وتكبيد المجتمع خسائر استراتيجية
وهذا كائن وثابت في مصر
ثالثا : انهم جميعا انحرفوا بالثورة عن مسارها الطبيعي ولم يمثلوا الشعوب التي خرجت لحريتها وكرامتها وعيشها الكريم
رابعا : انهم تسببوا جميعا في تقسيم المجتمع ، ومنحوا النظم الاستبدادية وداعميهم الاقليمين والدوليين الفرصة الكافية لتشويه الثورات الشعبية وضربها
خامسا : ان الهوية في حقيقتها لا تفرض على أحد ، كما انها لا تنزع قصرا من احد
انما الهوية اختيار ذاتي عن قناعة وحب ، كما انها لا تحتاج وصاية واو استاذية
او تعليم من احد سواء بشكل مباشر او بمحاولته توفير البيئة المناسبة لها .
الامر لا يحتاج من الإسلاميين تكتيك التراجع او التخفي بين صفوف الثوار لحين اقتناص الفرص والقفز على الثورات مرة ثانية ، الامر يتطلب منهم مراجعة بوصلتهم الأساسية وفهم حقيقة رسالتهم مع مجتمعاتهم الإسلامية بطبيعتها والتي لا تحتاج الى استاذيتهم
المغشوشة ولا قيادتهم الفاشلة ، انما تعاونهم على البر والتقوى وما يمكن ان يفلحوا فيه
من تربية و تصحيح لمفاهيم الدين بعدما يحسنوا هم فهمها من الأساس .
ما او التأكيد عليه هو ان بوصلة الثورة هي الحرية ، واية مطالبات ايدولوجيا سواء بالقفز على الثورة او تنحية اى فصيل من الفصائل انما هو محاولة لإشعال الفتنة والانحراف ببوصلة الثورة عن مسارها ومن ثم اضعافها واشعالها من الداخل
الشعوب اقوى من التنظيمات واقوى من النظم واقوى من التحديات الخارجية
شرط عدم تعويقها ايدولوجيا ، وبنجاح الربيع العربي سيأخذ الجميع فرصته في التعبير عن نفسه وعرض بضاعته بشكل طبيعي على الناس سواء كانوا إسلاميين او شيوعيين وليبراليين …الخ والناس تختار ما تريد وهذا حقها الفطري والإلهي والاجتماعي والسياسي.
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)