وداعا علامة القطر اليماني عبد المجيد الزنداني
بقلم أ. د. محمد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
قال تعالی: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ وقال النبي ﷺ: {العُلَماءُ وَرَثَةُ الأنبِياءِ} فجعت الأمة الإسلامية بفقد العلامة الداعية الشيخ (عبد المجيد الزنداني) رحمه اللّه وأسكنه فسيح جناته وقد شهدنا أخيرا معشر المسلمين تسارعا في رحيل ثلة من العلماء العاملين وكأن السماء بدأت تستعيد نجومها قال ﷺ: {النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ ما تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي ما يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتي ما يُوعَدُونَ} وقال ﷺ: {إنّ اللّهَ لا يَقبِضُ العِلمَ انتِزاعاً يَنتزِعُهُ مِن صُدورِ العِبادِ وَلكن يَقبضُ العِلمَ بِقَبضِ العُلماءِ} وقال عمر رضي اللّه عنه: مَوتُ ألفِ عابدٍ أهوَن مِن مَوت عالمٍ بَصيرٍ بِحَلالِ اللّهِ وَحَرامهِ!
ذلك أن التقي العابد يفيد نفسه فحسب أما العالم الداعية المحتسب فإنه يفيد جميع أفراد الشعب ولذلك حق لأمتنا أن تتحسر لفقد علمائها الأبرار قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ قال الحبر ابن عباس رضي اللّه عنهما: خَرابها بِمَوت علمائها وَأهل الخَير مِنها! ويكفي العلماء شرفا أن اللّه زكى شهادتهم في العالمين إلى يوم الدين فقال تبارك وتعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ وَقال النبي ﷺ: {فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أدْنَاكُمْ} وَقال ﷺ: {إنَّ اللّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأهْلَ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الخَيْرَ}.
أيها الإخوة الأعزاء حق للأرض والسماء بل للأمة جمعاء أن تحزن وتبكي على موت العلماء الفضلاء لأن هؤلاء الأجلاء حملوا أمانة محمد ﷺ خاتم الرسل والأنبياء! ألم تسأل أخي الكريم نفسك في يوم ما هذا السؤال: أين يقضي العلماء أوقاتهم وكيف يفنون أعمارهم؟ لقد أفنوا سنوات حياتهم للتفقه في الدين ثم الدفاع عن الإسلام والمسلمين ثم نشر العلوم بين المواطنين ثم الدفاع عن سنة الصادق الأمين ﷺ ولم يضيعوا وقتهم الثمين ككثير من المسؤولين لنيل حطام حياة الدنيا المهين ولم يستمتعوا بالشهوات كغيرهم مِن الفارغين والفارغات لأنهم جعلوا من أنفسهم للّه درهم وقفا لرب الأرض والسموات لا يريدون من الناس مدحا ولا جزاء ولا مالا ولا شكورا لقد جهروا بكلمة الحق أمام الحاكم الظالم ولم يخافوا في اللّه عز وجل لومة لائم!
وشتان بين من عاش لنفسه فحسب يعب من ملذات هذه الحياة فيما يغضب الرب وبين من يتفتت كبده حزنا على نكبات المسلمين في الشرق والغرب!
سل نفسك أخي الكريم: من سوی العلماء الربانيين وقف سدا منيعا في وجوه العلمانيين والسيداويين اليساريين؟
إن موت علماء الإسلام الأطهار ومنهم شيخنا اليماني: (عبد المجيد الزنداني) ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما بقي ليل ونهار ونذكر الإخوة الكرام في هذا المقام بأن فقيدنا عبد المجيد ليس معصوما كما هو معلوم وكل من يطعن فيه بعد موته هو وحده الملوم ولا يطعن فيه إلا حاقد أو جاهل أو سفيه وأضل من حمار أبيه ولا يعرف كوعه في رجليه أم في يديه! ونقول في الختام: حفظ اللّه غرباء الإسلام الأخيار علماء الدين المعاصرين والقابضين على الجمر في زمن التحدي وما بدلوا تبديلا ورحم اللّه من قضى نحبه منهم كفقيدنا الزنداني وجمعنا معهم في مستقر رحمته ﷻ بخير منازل وأحسن مقيلا ونأمل أن يكون فقيدنا ممن قال اللّه فيهم: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾.