مقالاتمقالات مختارة

وحدة الصف أصل عظيم

بقلم د. يوسف السند

وحدة الصف واجتماع الكلمة أصل من أصول هذا الدين؛ إذ به تكون الجمعة والجماعات، ويكون الحج، وتُعقد به للجهاد وللخير رايات، ووحدة الصف مظهر من مظاهر قوة المسلمين، وبغيره يكون الضعف والفشل والتفرق.

(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ) (آل عمران: ١٠٣)، (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال: ٤٦)، (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (الشورى: 13).

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: «نعم»، فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: «نعم، وفيه دَخَنٌ»، قلت: وما دَخَنُهُ؟ قال: «قوم يستنون بغير سُنتي، ويهدون بغير هديي، تعرِفُ منهم وتُنكِر»، فقلتُ: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها»، فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: «نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا»، قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمينَ وإمامَهم»، فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة، ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» (رواه مسلم).

إذن لا مفر ولا مناص من الجماعة والوحدة والألفة ولو أن «تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك».

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من ثلاثةٍ في قريةٍ، ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة؛ فإنما يأكل الذئب القاصيةَ من الغنم» (رواه أبو داود وغيره وهو حديث صحيح).

وما أكثر الذئاب التي تترصد من يؤثرون الفرقة على الوحدة والعداوة على الأخوة وجمع الكلمة بل هناك شياطين الجن والإنس.

ورضا الرحمن سبحانه في وحدة الكلمة وترك التفرق، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويكره لكم ثلاثاً، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً، ولا تَفرَّقوا. ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» (رواه مسلم).

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يخطب ويقول: «يا أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنهما حبل الله الذي أمر به».

وكل الخير في الوحدة ورص الصفوف ووحدة الكلمة, وكل الشر في التشرذم والتمزق والتفرق.

ولله در القائل:

كونوا جميعاً يا بني إذا اعترى

خطبٌ ولا تتفرقوا آحادا

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً

وإذا افترقن تكسرت آحادا

والحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى