وجوب نصرة إخواننا مسلمي الإيغور
بقلم د. عبد الحق حميش
يتعرّض المسلمون الإيغور لألوان من الاضطهاد والإفناء الممنهج في ظلّ سكوت عالمي مريب، ممّا يستوجب علينا التّذكير بمعاناتهم وما يجب علينا القيام به تجاه هذه المنطقة المنسية من العالم. ففي أقصى الغرب الصيني وفي قلب إقليم “شينغ يانغ” الّذي يعيش فيه نحو 10 ملايين مسلم من أقلية الإيغور، نحو مليون منهم تعتقلهم السلطات الصينية لأجلٍ غير مسمَّى دون توجيه تهمٍ إليهم.
إنّ إقليم “شينغ يانغ” الّذي تقع فيه الإبادة الآن يقع في أقصى شمال غرب الصين، ويبلغ نحو سدس مساحتها، وقد دخله الإسلام منذ القرن التاسع الميلادي، وكان يسمّى بـ”تركستان الشرقية”، وينتمي معظم المسلمين فيه إلى عرق الإيغور، وكلمة أويغور تعني “التضامن” أو “الاتحاد” باللغة الأويغورية. والإيغور مسلمون وتعود أصولهم إلى الشعوب التركية (التركستان)، ويعدّون أنفسهم أقرب عرقيًا وثقافيًا لأمم آسيا الوسطى.
دخل الإسلام تلك الأرض على يد القائد الإسلامي المجاهد قتيبة بن مسلم الباهلي في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، واستمرّ الدّين الإسلامي في تلك النّواحي البعيدة من بلاد آسيا الوسطى عبر مئات السنين، بالرّغم من الصعوبات الكبيرة والاضطهاد العظيم الّذي مرّ على أهلها، حتّى هذه السّاعة.
ويطمح شعب الإيغور العريق إلى المحافظة على خصائصه الثقافية والعرقية وهُويّته الإسلامية، وإلى التمتّع بحقوقه الثقافية والاقتصادية غير القابلة للتصرّف.
ويتّهم الإيغور السلطات الصينية بممارسة التّمييز ضدّهم، بينما تقول الصين إنّ ميليشيات الإيغور تشنّ حملة عنف تشمل التآمر للقيام بعمليات تفجير وتخريب وعصيان مدني من أجل إعلان دولة مستقلة. إلّا أنّ الّذي حرّك أولئك المسلمين لا يتعلّق بإطاحة الدولة الصينية، ولا تهديد استقرارها، وإنّما يتعلّق بمطالبة يسيرة، بالمعاملة العادلة، ورفع الاضطهاد، وبتطبيق فعلي للحكم الذاتي، وبوضع نهاية لسياسة الاستيطان المخطط لها.
ولقد أعربت الأمم المتحدة أكثر من مرّة عن قلقها بعد ورود تقارير عن اعتقالات جماعية للإيغور، ودعت لإطلاق سراح أولئك المحتجزين في معسكرات “مكافحة الإرهاب”. لكن بكين نفت تلك المزاعم معترفة باحتجاز بعض المتشدّدين دينيًا لإعادة تعليمهم، وتتّهم مَن تصفهم بالمتشدّدين الإسلاميين والانفصاليين بإثارة الاضطرابات في المنطقة.
وكانت لجنة معنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة قد أكّدت تلقّيها كثيرًا من التقارير الموثوقة الّتي تتحدّث عن احتجاز نحو مليون فرد من أقلية الإيغور المسلمة في الصين في “مراكز لمكافحة التطرف”، حيث تعتبرهم مرضى يجب تطهير أدمغتهم من الفيروس الدّيني وإعادة توطينهم وتثقيفهم سياسيًا ودينيًا، وتُجبرهم على نبذ الإسلام وانتقاد معتقداتهم، ويخضعون للحبس الانفرادي لمدة طويلة ويتعرّضون لأنماطٍ قاسيةٍ من التّعذيب والمعاملة السّيّئة.
صمت العالم العربي والإسلامي
لقد تمّ خذلان المسلمين الإيغور كما خذلت الروهينغا في بورما، فقد تركوهم يُذبّحون ولم يخرج أحد ليعترض على هذه المجازر، في حين وقفت دول غير عربية ضدّ هذه الوحشية.
فالمهانة والهزيمة الحربية، والاضطهاد السياسي وغيرها من صور البلاء والفتن؛ الّتي ابتُليَ بها المسلمون في السنوات الأخيرة بسبب بُعدِهم عن الالتزام بمبادئ وتوجيهات دينهم الحنيف الّذي يأمر بالوحدة والأخوة الإسلامية.
وإنّ صمت الدول ذات الأغلبية المسلمة حول المعاملة المروّعة للمسلمين في الصين أمر محبط، لأنّ مبدأ الأخوة الإسلامية أصبح أداة سياسية خارجية انتقائية لها علاقة أكبر بالاقتصاد والسياسة الدولية للدول الإسلامية وأقلّ ارتباطًا برسالة تضامنها الحقيقية.
الدور المطلوب تجاه المسلمين الإيغور
تستطيع الحكومات الإسلامية بما لديها من إمكانيات ومصالح متبادلة مع الصين؛ إرغامها على وضع حدّ للتّجاوزات القمعية العنصرية بحقّ إخواننا المسلمين في (تركستان الشرقية)، والوصول إلى حلّ يرضي هذه الفئة المظلومة ويعيد إليها حقّها في الحياة الكريمة.
ونؤكّد على أهمية الإعلام ووسائل التّواصل الإلكترونية في أن يكون له دور فاعل في إحياء هذه القضية، وتعريف النّاس بها وإيصالها إلى المحافل الدولية، ونشدّد على أهمية الدّعاء لهم بالنّصر والتّثبيت أمام محاولات التّذويب. فاللّهمّ احْمِهِم واحْفَظْهُم وردّ كيد الكائدين في نحورهم.
(المصدر: تركستان تايمز)