مقالاتمقالات المنتدى

والله لن يفسدنا سلام ذلك الرجل

والله لن يفسدنا سلام ذلك الرجل

بقلم د. سلمان السعودي( خاص بالمنتدى)

قال تعالى: ” وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ”

في ظلامية الفكر التي يعيش فيه البعض، معتقدا جازما بأن السلام مع الاحتلال الصهيوأمريكي هو الحل الوحيد والاستراتيجي لقيام دولة فلسطينية على مساحة 22%، وأنهم سيعيشون حياة سنغافورية، وعليه يطالبون المقاومة المسلحة بالخروج من الساحة الفلسطينية، ما أشبههم بقوم لوط الذين طالبوا بإخراج آل لوط من قريتهم لأنهم أناس يتطهرون، قال تعالى: ” فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ” وإن دل هذا فإنما يدل على أحد أمرين لا ثالث لهما.

الأمر الأول: السذاجة: وهذا ما يتصف به شريحة من الشعب المكلوم والجريح، الذي أنهكته الحروب والحصار والفقد والدمار، والحرمان من أدنى مقومات الحياة، فهم في هذا كالأرنب الذي يهرب من الأفعى إلى الصياد، ففعلهم هذا ليس بالتوجه الصحيح، لأنهم يهربون من الموت إلى الموت، يهربون من الموت بكرامة وعزة واصطفاء مع الشهداء إلى الموت بذلة وخنوع، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، إما لجهل، أو مغرر بهم بوعود كاذبة، قال تعالى: ” يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ”
فهؤلاء رغم أنه يمكن إيجاد مبرر لأفعالهم بسبب عمق الجرح والألم، فحق لهم أن يضجروا، ويستنصروا، ويستعجلوا، فعندما زلزل الصحابة رضوان الله عليهم، وبلغت منهم القلوب الحناجر، استعجلوا وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم: ” متى نصر الله ” ولكن الطلب بالاستسلام وخروج المقاومة من الساحة هو اختيار للطريق الخطأ ظنا ممن يطلب بأنه طريق النجاة، وما هو إلا الطريق إلى المهلكة، والشتات.

الأمر الثاني: مكر مقصود للوصول للسلطة والتمكين مهما كان الثمن:

وما أشبه هؤلاء بملوك وأمراء الزمن الأول بعد صدور وعد بلفور، الذين بايعوا الاستعمار البريطاني على إقامة دولة لليهود في فلسطين مقابل تمكينهم من الحكم وتعيينهم أمراء وملوك.

تجدهم يستميتون في الإنهاء والانتهاء من فصائل المقاومة، ومصادرة سلاحها ليصبح سلاحا في يد شرطة أمن تحرس أمن المستوطنات، وتلاحق كل من يعتدي على مستوطن غاصب للأرض والمقدرات بحجة أنه خارج عن القانون، ويحمل سلاحا غير شرعي بحسب شريعة التلمود.

نقول لهؤلاء جميعا: اقرأوا التاريخ، واقرأوا الكتاب الجديد ” التلمود ” اقرأوا منهج الاستحمار عند اليهود، الذي يصفون فيه غير اليهود بأنهم حمير خلقهم الله ليركبهم شعب الله المختار، يصفون أنفسهم أنهم خلقوا من روح الإله، وغيرهم خلقوا من نطفة حصان، اقرأوا قولهم فيكم: بأنكم أفاعي يجب القضاء عليها.

لو تجاوزنا كل هذا وغيره الكثير، فكيف لكم تتجاوزون تصريحات قادة الاحتلال بإعادة السيطرة على الضفة الغربية وبناء المستوطنات، كيف تتجاوزون قول ترامب بأن القدس عاصمة الدولة اليهودية ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، كيف تتجاوزون تصريحات ترامب والنتن ياهو الأخيرة ” لا لدولة فلسطينية، ويجب تهجير الفلسطينيين إما طوعا أو قسرا، وإخلاء غزة لتصبح منتجعات سياحيا، ومركزا اقتصاديا عالميا “.

ألم تقرأوا عن تكوين لجنة يهودية لتهجير الفلسطينيين ووضع غزة تحت السيطرة الأمنية الاسرائيلية تنفيذا لخطة ترامب كخطو  أولى لتنفيذ مشروع الشرق أوسط الجديد؟!

ألم تقرأوا تصريحات ترامب بأن غزة مدينة حرة، ويجب ترحيل أهلها وبنائها مدينة سياحية ضمن العقار الأمريكي؟!

ألم يضرب الاحتلال بأسلو عرض الحائط وقام بالتوسع في بناء المستوطنات، وترك المستوطنين المجرمين العنصريين وتحت حماية جيشه أن يعثوا في الضفة الغربية فسادا، واغتصاب بيوت، وقتل، وحرق ممتلكات، وتهجير للفلسطينيين، وقطع أشجار وتخريب، وبناء مستوطنات، وفوق كل هذا اقتحامات متكررة للمسجد الأقصى وإقامة الطقوس التلمودية في باحاته؟!!!!

سبعون عام والاحتلال يمارس كل أساليب الإجرام في فلسطين ضد الأرض والشعب، وما زال منا من يقول: نحن نريد أن نقيم سلاما مع اليهود، هم جيراننا ولا بد أن نعيش بسلام معهم!!!وعندما أراد الشعب أن يدافع عن كرامته ووطنه وأقصاه يتهم بأنه يجلب التهلكة، وهو سبب الدمار، وعليه أن يعيش تحت بساطير الاحتلال، فما لكم كيف تحكمون؟!!!

آلاف الدنومات من الأراضي صودرت، ومئات آلاف من شجر الزيتون خلعت، وآلأف الأغنام والمواشي نهبت، ومئات البيوت طرد أهلها منها وسكنها المستوطنيون، وما زال منا من يدافع عن أمن الاحتلال، ويدافع عن معاهدة أوسلو ويحرم نقضها، ويجرم من يعترض عليها، ويلاحق من يدافع عن بيته ومزرعته وعرضه وكرامته، ويتهم بالخروج على الشرعية القانونية، وسلاحه الذي يدافع به سلاحا غير شرعي، ويجب مصادرته، ومعاقبة من يحمله.

خمس وثلاثون سنة من التفاوض من أجل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في أوسلو، والنتيجة إعادت احتلال بعض الأراضي التي تم الانسحاب منها وبناء مستوطنات جديدة، والتحكم في المسجد الأقصى.

الحقيقة التي لا غبار عليها، فلسطين قضية مركزية إسلامية، لا تقبل التنازل، أو الاعتراف بالمحتل، والمقاومة فكرة وليست بحركة أو فصيل تنتهي بانتهائه.

نتفهم عقد اتفاق مرحلي على جزء من فلسطين بسبب ضعف الأمة وخوارها، ولكن دون تنازل، أو إعطاء شرعية للمحتل بملكية أرضنا، نتفهم التفاوض مع المحتل سواء بالمباشر أو غير المباشر، ولكن دون خنوع وذلة، أو نقبل أن نكون شرطي أمن للاحتلال يلاحق أبناءنا من أجله، كما لا نقبل أن نعيش تحت بساطير اليهود من أجل منصب أو زخرف زائل.

والحرب خدعة، والاتفاقيات مع المحتل من ضمن أساليب الحرب، فلا بد وأن تدار بذكاء وصلابة.

نقول ما قاله المجاهد الشهيد عمر المختار: ” يسرقون أرضنا .. يدمرون بيوتنا .. يقتلون الأبرياء .. وتسمي ذلك بالسلام .. والله لن يفسدني سلام ذلك الرجل.”

إقرأ أيضا: أوجاع رسالة جاءت من غزة..!!!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى