واقعنا من لاءات السودان
بقلم د. عبدالله المشوخي (خاص بالمنتدى)
إثر هزيمة عام ١٩٦٧م والتي أدت إلى احتلال الكيان الصهيوني خلال ساعات معدودة الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء، انعقدت قمة عربية في العاصمة السودانية (الخرطوم) وتبنت القمة يومها لاءات ثلاثة: (لا صلح…لا تفاوض…لا اعتراف بإسرائيل)
وكانت تلك اللاءات بمثابة دغدغة لعواطف الشعوب التي صدمت بهزيمة منكرة جلبت العار والذل والهوان للأمة العربية، لكن واقع الأمر خلاف اللآءات الثلاث فالعلاقة بين الكيان الصهيوني وبعض الأنظمة العربية متجذرة منذ نشأة الكيان، لكنها كانت علاقة محفوفة بالحذر والسرية كي لا تصادم مشاعر الشعوب العربية المكلومة والتي كانت تناصب اليهود العداوة والبغضاء من محيطها إلى خليجها.
وزيادة في خداع الشعوب والضحك عليها كانت الأبواق الإعلامية تهدد وتزمجر بالقضاء على الكيان الصهيوني وتنعق بالكفاح المسلح لتحرير فلسطين إلى غير ذلك من التهديدات الزائفة.
ومع مرور الوقت تم تدجين الشعوب بوسائل خسيسة من نشر لأفلام خليعة ومسرحيات هزلية وأغاني هابطة ومهرجانات ماجنة وإلهاء الشباب بسفاسف الأمور وتغيير في المناهج الدراسية حيث تم حذف آيات قرآنية تتحدث عن عداوة اليهود وأخرى تحث على الجهاد وتم استبدال اسم فلسطين باسم إسرائيل، واستبدل الجهاد بما يسمى بثقافة السلام، وربط اسم الجهاد بمسمى الإرهاب إلى غير ذلك من متغيرات تهدف إلى صنع جيل يقبل بالتعايش مع الكيان الصهيوني كأمر واقع، هكذا مكروا وخططوا حتى وصل الأمر إلى مرحلة من الانحطاط لمستوى لا يتصوره عقل ولا يحلم به متصهين، حيث وصلت الأمور إلى معاقبة من يرفع علم فلسطين .
وتم رفض تسليم شهادة تخرج لطالبة لمجرد وضعها كوفية فلسطينية على كتفها يوم تخرجها.
وتم طرد طالب من بلاد لمجرد أنه هتف يوم تخرجه “تحيا فلسطين”.
ولقد تكشفت حقائق الأمور مع طوفان الأقصى الذي كشف عورات الجميع، حيث ساعدت أنظمة عربية الكيان الغاصب في حرب إبادته على أهلنا في غزة بل طالبوا الكيان الصهيوني بالقضاء على المقاومة.
وشارك بعضهم الكيان الصهيوني بتقديم كافة مقومات القتال.
وبعضهم سخر إمكانياته العسكرية لحماية الكيان من أي اعتداء خارجي.
وبعضهم قام بسجن ومعاقبة كل من يساند المقاومة.
ووصلت موالاة بعضهم للكيان الصهيوني إلى درجة التحقيق مع أفراد وتوجيه التهم إليهم بسبب تغريدات تدعو الله بأن ينصر المقاومة.
وتم التحقيق مع آخرين بسبب مقاطعتهم لمنتجات تدعم الكيان الصهيوني.
هكذا وصلنا الى مستوى منحدر من الانحطاط والتردي والوقوف بجانب الكيان النازي.
وقناعتي أن التعاون مع الكيان الصهيوني بدأ منذ تشكيل دولة الكيان، ولكن بأشكال مختلفة لأن مهندس الكيان ومهندس الأنظمة العربية واحد، مهندس وعد بلفور المشؤوم، مهندس تولى كبر تشتيت الأمة الإسلامية والقضاء على الخلافة الإسلامية وزرع بذور الانقسام والتشرذم والفتن، وما نلمسه اليوم من خذلان لأهلنا في غزة، ومؤازرة الكيان الصهيوني هو نتيجة لذلك الغرس ومكر الليل والنهار.
وبالعودة إلى لاءات الخرطوم فقد تحولت إلى لغة من اوجدوا الكيان الغاصب، فأصبحت “لا” بداية لكلمة “yes”
فنعم للصلح ونعم للتفاوض ونعم للاعتراف ورابعة المصائب، نعم لدعم الكيان الصهيوني بكافة أشكال الدعم، وحسبنا الله ونعم الوكيل على كل متعاون ومتخاذل ومتصهين.