مقالاتمقالات المنتدى

واجب الدولة السنية اليوم

واجب الدولة السنية اليوم

 

بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)

 

تواجه الأمة اليوم تحديات هائلة في أصل دينها وهويتها، وأساس وحدتها، وتقف في وجه مشاريع عالمية تستهدفها عبر مؤسسات دولية وبتمويل أممي، فلا يتصدى لكل ذلك البلاء سوى أفراد أو هيئات غير رسمية وبمجرد بيانات أو كلمات معدودات، وذلك في ظل غياب دول المنطقة عن هويتها السنية، ومشروعيتها المستمدة من توحيدها وشعوبها وتاريخها وثقافتها وحضارتها.
‏وستظل الدول التي بلا هوية أو مشروع أو مشروعية في عالمنا العربي والإسلامي ألعوبة بيد الصليبية والصهيونية والعلمانية والرافضية!
‏فاللهم عودةً إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، ودعوةً إلى التوحيد الخالص، وانتماءً إلى الأمة الواحدة، والحضارة المسلمة، وتجييشا للأمة بمختلف طاقاتها خلف هذا المشروع.
‏ ومع التكالب الأممي اليوم فإن كل من كان من دول المسلمين اليوم قصارى أمله أن يبقى على قيد الحياة بلا هوية من دينه وحضارته تقويه، أو مشروعية من أمته تحميه؛ فإن مصيره إلى مزيد من الضعف أو الزوال!
‏وهذا يحتم السعي في الانتساب الصادق بكل سبيل للهوية الإسلامية السنية، وتأكيد المشروعية، ولو بخطة متأنية متدرجة.
‏والمحافظة على الدول قائمة وباقية على قيد الحياة ولو بالحد الأدنى ضرورة معتبرة ومقصد شرعي صحيح؛
‏لكن الغاية من وجودها إنما هي حفظ الدين وحراسته، وسياسة الدنيا وأهلها به، وهذا أعظم وأولى، فلا يصلح أن تهمل الغاية؛ لأجل المحافظة فقط على أصل وجود الدولة بأي طريقة!
‏والمقصود أن حفظ الدولة كالوسيلة لإقامة الدين وسياسة الدنيا وأهلها به، فأيما دولة أرادت مرضاة الله تعالى، وطلبت السعة والتمكين في الدنيا، فعليها بإقامة نهضتها وتشييد حضارتها على أصول دينها، والبناء على سالف مجدها، والاجتهاد في حفظ هويتها وتأهيل شبابها، وعدم الاستسلام لمكر أعدائها.
‏ولقد عمل أعداء الأمة في حقبة سابقة على تفكيك الدولة الإسلامية الجامعة إلى دويلات على أساس من مكيدة القومية التي انتهت بهذه الدول إلى مزيد من الضعف والتبعية واستجداء الحماية!
‏وإن خطتهم الآتية هي القضاء على بقية القوة في تلك الدول بتبني العلمانية والليبرالية، وذلك كله لحساب علو عقائد ومصالح الصهيوصليبية!
‏فليتنبه أهل الإسلام عامة والحكم خاصة لهذه المآلات!
‏لقد أقام الملالي دولة دينية في الثمانينات فلم تمض أربعة عقود حتى استولوا على عدة عواصم عربية بعد أن نشروا عقيدتهم في عشرات الدول، بينما اكتفت دول أخرى بالدوران في فلك القومية والعلمانية والأفكار الغربية حتى انتهى بها الضعف اليوم لاستجداء الأمن من الدولتين الشيعية التي تقف على أعتاب السلاح النووي، والدولة النووية اليهودية!
‏إن استعادة هوية الدولة ومشروعيتها ومشروعها الحضاري وإقامة نهضتها واجب العصر، ولن يكون قيام هذا الواجب من غرب أو شرق، إنما الوجهة هي: الكتاب والسنة، والتعامل بالسنن الجارية عبر تاريخنا بعد الدرس والاعتبار، والإفادة بالصالح من تراث البشرية، والحكم في كل ذلك بموازين الوحي، بعد الإحاطة بتعقيدات الواقع وإشكالاته، ثم التحرر من الهزيمة النفسية، وغلبة العقلية التسويغية، ولا يمنع ذلك من اعتماد سياسة: الحرب خدعة!
‏وقد قال جل ثناؤه:
‏”ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين”
وقد روي في بعض الحديث: “الإسلام يعلو ولا يعلى”
‏وفي الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله:
‏”نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله”
‏ إن انتصاراتنا من لدن بدر الكبرى إلى انكساراتنا اليوم تشير جميعا إلى أن القوي الذي يملك غذاءه ودواءه ويصنع سلاحه يفرض إرادته، والضعيف يطلب حمايته؛ لكن أن يطلب الضعيف من أعدى أعدائه حمايته بزعم صداقته فهذا مما لا يسوغ في عقل ولا شرع!
والنتيجة الحتمية أنهم لن يزيدوا من التجأ إليهم واحتمى بهم إلا ضعفا وخبالا ووبالًا!
فاعتبروا يا أولي الأبصار!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى